للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قيام، نعم، لو كان [لم] يجلس بين السجدتين، وجب عليه الجلوس مطمئناً، ثم يسجد عقيبه، على أصح الوجهين.

وقيل: إن القيام يقوم عند السهو مقام الجلوس بين السجدتين.

قال الإمام: وهذا الخلاف يئول إلى أن الجلسة بين السجدتين هل المقصود منها الفصل؛ فيكفي القيام فاصلاً مع النسيان، وأما مع العلم فلا، أو هي مقصودة في نفسها؛ كالسجود؛ فلا ينوب عنها القيام.

ولو كان قد ظن أنه سجد السجدتين؛ فجلس للاستراحة، ثم ظهر له أنه لم يسجد غير واحدة؛ وأنه لم يجلس جلسة الفصل بعد الأولى-قال القاضي الحسين: فمنهم من رتب الخلاف على الخلاف في المسألة قبلها، وهاهنا أولى بألا تقوم جلسة الاستراحة مقام جلسة الفصل؛ لان القيام ركن؛ فجاز أن يقوم مقام ركن آخر، وجلسة الاستراحة سنة؛ فلا تقوم مقام فرض.

ومنهم من قال: إن قلنا: يقوم القيام مقامها، فهاهنا أولى، وألا فوجهان؛ لأن الجلوس من جنس الجلوس؛ وهذه الطريقة هي المشهورة التي ذكرها العراقيون، ونسبوا المنع إلى ابن سريج، وانه وجهه بأنه اعتقدها نافلة؛ فلا تجزئه عن فرضه؛ كما قلنا فيمن عليه سجدة من صلاة؛ فسجد للتلاوة: لا تجزئه عنها.

وقال في "التهذيب": إن قول ابن سريج هو المذهب، والصحيح عند العراقيين: الإجزاء؛ لأن هذه الجلسة وقعت في محلها؛ فلا يضر اعتقاد سنيتها؛ كما لو جلس في التشهد الأخير وهو يظن أنه الأول، ثم تذكر عقيب التشهد؛ فإنه يحسب له عما عليه، وإن أتى به على وجه السنة، وهذا منهم يدل على أنه لا خلاف في المسألة المستشهد بها.

لكن الرافعي حكى عند الكلام فيما إذا قام إلى خامسة-الخلاف فيها أيضاً؛ وحينئذ يتعين أن يكون قياسهم عليها، إما لأن المخالف هنا -وهو ابن سريج- قد وافق عليها، وإن خالف غيره، أو لأن الشافعي نص عليها؛ فيحسن الرد على ابن سريج [به.

<<  <  ج: ص:  >  >>