قال الشيخ أبو حامد: وما استشهد به ابن سريج] من أن من عليه سجود لا تجزئه عنه سجدة التلاوة ليس للشافعي فيه نص، ويحتمل أن يقال: تجزئه.
قلت: وابن الصباغ قد حكاه في باب النية في الوضوء وجهاً في المسألة مع الوجه الآخر.
قال الشيخ أبو حامد: ثم إن سلمناه، فالفرق: أن سجود التلاوة من غير جنس سجود الصلاة؛ لأنه ليس براتب فيها؛ فلم يقع عما هو راتب فيها، وجلسة الاستراحة راتبة في الصلاة؛ كجلسة الفصل؛ فحسبت عنها، وبهذا فرق الماوردي أيضاً، وأيده في موضع بأنه لو ترك سجدتين من آخر صلاته سهواً، ثم سجد في آخر الصلاة؛ للسهو، لا تحسبان له؛ لأنه غير راتب فيها.
قال ابن الصباغ: وما قاله أبو حامد: من أنه لا نص للشافعي في المسألة المستهشد بها، سهو؛ فإن الشافعي نص على أن ذلك لايجزئه، والفرق: أن سجود التلاوة وقع في موضعه؛ فلا يقع عن غيره؛ بخلاف جلسة الاستراحة؛ فإنها لم تقع في موضعها؛ لأنه لا يعتد بها قبل تمام المتروك؛ فوقعت عنه، ولا يقال: إن القراءة أيضاً لا تقع موقعها؛ فلا تقتضي سجوداً؛ لأن السجود منوط بالقراءة التي ليست بمكروهة، سواء اعتد بها، أم لا، وهذه كذلك.
واحترزنا بقولنا:"ليست بمكروهة" عن القراءة في الركوع والسجود؛ فإنها لا تقتضي سجوداً؛ كما ستعرفه.
وقد شبه الخلاف في المسألة بما لو أغفل المتوضئ لمعة في المرة الأولى، وغسلها في الثانية، أو الثالثة، والأصح -عند العراقيين-: الإجزاء، بخلاف ما إذا انغسلت في تجديد الوضوء؛ لأن قضية نيته في ابتداء الوضوء: ألا يقع شيء عن السنة حتى يرتفع الحدث؛ كذلك ها هنا قضية نيته السابقة، ألا يكون الجلوس عن الاستراحة إلا بعد الفراغ من السجدتين.
ولو كان تذكره ترك السجدة الثانية من الأولى بعد سجوده في الثانية، كملت الركعة الأولى بسجدة من سجدتي الثانية، وأبطلنا بقية الثانية، لكن بأي السجدتين