فرع: وإن تركهما تيمم وصلى وأعاد.
والعراقيون قالوا: فيما يلزمه في هذه الحالة ثلاثة أوجه:
أحدها: ما ذكرناه عن القاشي الحسين, وهو الذي نقله المزني عن الشافعي: أنه
يتيمم ويصلي, وعليه الإعادة.
والثاني- قاله ابن سريج -: أنه يتوضا بالثاني ويصلي ولا تجب عليه الإعادة؛
كم صلى إلى جهة بالاجتهاد, ثم إلى أخرى باجتهاد آخر.
قال: والذي نقله المزني لا نعرفه للشافعي.
قال أبو الطيب بن سلمة: وهذا الذي قاله ابن سريج غير صحيح, والذي نقله
المزني رأيته في "حرملة", ويفارق مسالة القبلة؛ لأنا في القبلة لا نأمره بفعل فاسد
قطعا؛ لانه محتمل أن تكون هذه الجهة الثانية هي جهة القبلة, وليس كذلك هنا؛ فإنا
نتحقق أنا نأمره بفعل فاسد, أو بنقض الاجتهاد بالاجتهاد, وإنما قلنا ذلك؛ لأنا
[إن] لم نأمره بإيراد الثاني على موارد الأول فهو مصل بغير طهارة من حدث أو
خبث, وذلك يمنع الصحة, وإن أمرناه بأن يورده على موارد الأول فذاك نقض
للاجتهاد بالاجتهاد, وهو لا يجوز, والإمام حكى عنه أنه أوجب إيراد الماء الثاني
على موارد الأول.
وقال ابن الصباغ: إن هذا ليس عندي بنقض للاجتهاد فيما فعله بالاجتهاد؛ لأنا
ليس نبطل طهارته الأولى وصلاته, وإنما نأمره بغسل ما على بدنه من الماء الذي
غلب على ظنه أنه نجس, ويكون ذلك بمنزلة منعنا له من استعمال بقية الإناء وحكمنا
بنجاسته.
قال: وعلى هذا ينبغي أن يغسل ما أصاب غير موضع الوضوء من الأول فإن
مواضع الوضوء يطهرها الوضوء من الحدث ومن النجاسة.
قلت: وهذا قد حكينا فيه خلافا من قبل.