وعلى هذا قال أبو علي في "الإفصاح": يتوضأ به؛ لأن الاصل الطهارة.
وقال القاضي أبو حامد في "الجامع": يتيمم ويصلي؛ لأن حكم الأصل قد زال
فيه؛ لوجوب التحري.
والخلاف على النحو المذكور قد حكاه أبو الطيب – أيضا – في موضع آخر
فيما إذا كان قد صب أحدهما بعد الوقت.
ومنها: إذا كان معه إناء طاهر, وإناء نجس, ويبلغ مجموعهما قلتين فأكثر, وهو
قادر على خلطهما – قال الإمام: فعلى الأول: له الاجتهاد فيهما, وعلى الثاني: يجب
عليه الخلط.
وهذا التخريج أبداه ابن الصباغ من عند نفسه.
ومنها: ما إذا اشتبه علي ماء, وماء ورد انقطعت رائحته [قال الإمام] فعلى
الأول: يجوز له الاجتهاد, وعلى الثاني: يتوضأ من كل إناء, ويصلي صلاة واحدة.
قلت: وهذا البناء فيه شيء, والحق إلحاق هذه الصورة بما إذا اشتبه عليه ماء
وبول , فإن ماء الورد والبول لا أصل لهما في التطهير.
فرع: إذا غلب على ظنه طهارة إناء, وتوضأ به, قال الشافعي: أستحب له أن يريق
الآخر؛ كي لا يدخل عليه وقت صلاة أخرى, ويتغير اجتهاده, فإن أراقه فذاك, وإن
أبقاه حتى دخل عليه وقت صلاة أخرى: فإن لم يحدث فهو باق على طهارته, وإن
أحدث: فإن كان قد بقي مما استعمله بقية تكفيه لطهارة أخرى, اجتهد في الآخر
وفيما بقي من الذي تطهر منه: فإن علم أن ما توضأ به هو الطاهر أو ظن ذلك, توضأ
منه, وإن تيقن أن ما توضأ به هو النجس أعاد الصلاة, وغسل ما أصاب يديه وثيابه.
وفي المسألة قول شاذ: أنه لا إعادة عليه؛ كنظيره في القبلة, وهو محكي في كتب
المراوزة ثَم. وإن غلب على ظنه أن ما تطهر به أولا هو النجس, قال القاضي الحسين: فلا يستعمله, وله أن يريقهما أو يصب أحدهما في الآخر, ويتيمم ويصلي, ولا إعادة عليه.