والفرق بين ما نحن فيه والمكي في القبلة: أن اليقين ثم في محل الاجتهاد، وهو
هاهنا في غيره.
وما ذكره المزني خطأ؛ لقوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة:٦] وهذا
واجد للماء.
وما رواه الصيدلاني باطل من جهة أن ذاك الأصل قد عارضه تحقق وقوع
النجاسة؛ فارتفع به.
وما رواه الشيخ أبو محمد وغيره ضعيف؛ لأن الظن لا يغلب من غير سبب
يقتضي تغليبه، والأمور الشرعية لا تبني على الألهامات والخواطر، ويتخرج على ما
ذكره الشيخ من الخلاف مسائل:
منها: إذا اشتبه عليه ماء طهور وماء مستعمل، فإن قلنا بالأول، جاز أن يجتهد
فيهما، وإن قلنا بالثاني: فلا، بل يتوضأ بكل واحد منهما؛ كذا قاله البندنيجي
والماوردي وابن الصباغ.
والقاضي أبو الطيب بنى ذلك على ما إذا اشتبه عليه إناء طاهر وإناء نجس،
فانصب أحدهما قبل الجتهاد، هل يجتهد في الثاني أو يستعمله من غير اجتهاد؟ فيه
وجهان:
فإن قلنا بأنه يجتهد في الثاني، اجتهد هاهنا، وإلا توضأ من كل واحد منهما،
والبناء الأول أشبه.
[والثاني يلتفت إلى أن الإقدام على الوضوء، هل يجوز مع عدم الظن بأن المتطهر
به آلة للطهارة أم لا؟].
وماذكره في الفرع المبني عليه فيه مزيد نقل؛ فإن ابن الصباغ والشيخ في
"المهذب" وغيرهمت قالوا: إنه هل يجتهد في الثاني أو لا؟ فيه وجهان اختار ابن
سريج: أنه يجتهد، وقال غيره: لا, وهو الأصح في "المهذب".