قرب الكلب، منه أو نقصه ونحو ذلك.
قال: وقيل: إن كان معه ماء – أي: أو يقدر على ماء – يتيقن طهارته – أي: مثل أن
كان معه إناء ثالث لا شك عنده في طهارته، أو كان على شط بحر أو نهر أو ماء كثير
لم يتحر؛ لأنه قادر على إسقاط الفرض بيقين؛ فلا يسوغ له تأديته بالاجتهاد؛
كالمكي في القبلة، وهذا قول أبي إسحاق المروزي، وادعى أنه مذهب الشافعي؛
لأنه قال: وإذا كان في سفر، ومعه ماءان نجس أحدهما، ففرضه] الاجتهاد]، وإذا
لم يكن معه ثالث طاهر بيقين.
وعن المزني: أنه منع التحري في الأواني مطلقاً، وقال: إنه يتيمم، ويصلين ولا
يعيد؛ كما لو اشتبه عليه ماء وبول.
وعن بعض الأصحاب فيما حكاه الصيدلاني: أنه يجوز أن يهجم ويتوضأ بأحد
الآنية، ويصلي، ولا إعادة عليه؛ لأن الأصل في كل منها الطهارة، وعدم وقوع
النجاسة فيه، وفارق القبلة؛ لأنه ليس الأصل في كل جهة أنها القبلة.
قال الإمام: وهذا وإن كانل لا يعسر توجيهه، فهو بعيد عن المذهب جدا.
وحكي عن شيخه وبعض المصنفين: أنه لو ظن اللرجل طهارة أحد الإناءين من
غير تعلق بأمارة، فله التعويل على الظن من غير أن يكون له مستند، فأما استعمال
أحدهما من غير اجتهاد فلا، وهذا أشهر مما حكاه الصيدلاني، وقد حكاه القاضي
الحسين والمتولي أيضاً، وعليه يدل النص، لأنه قال: أراق النجس على الأغلب عنده.
وبهذا يحصل في المسألة. ورأى الأول أربعة أوجه، والصحيح الأول.
وقول أبي إسحاق باطل؛ لجواز الطهارة من الماء القليل مع وجود الكثير.
والشافعي إنما شرط فقد الإناء الثالث في وجوب الاجتهاد عليه، لا في جوازه؛
فإنه إذا كان معه إناء طاهر بيقين، كان بالخيار بين أن يجتهد وبين ألا يجتهد، والأولى
استعمال الطاهر، بخلاف ما إذا لم يكن معه ثالث يتيقن طهارته؛ فإنه يجب عليه
الاجتهاد؛ كما صرح به الماوردي وغيره.