للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن علي -كرم الله وجهه-[أنه] قال: "نور الله قبر عمر؛ كما نور مساجدنا"، وكان فعل عمر ذلك لأمنه مما حذره رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرضها؛ لأنه لا فرض بعد وفاته -عليه السلام- وقد قال الإمام في آخر الباب: إنه روى بعض من يعتمد في رواية غريبة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى التراويح عشرين ليلة، ولم يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير".

قلت: وأغرب من ذلك ما حكاه الماوردي، أن أبي بن كعب كان بعد ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج في الليلة الثالثة أو الرابعة- كما حكاه غيره-في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وأول خلافة عمر، يجمع الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلي بهم العشر الأول، والعشر الثاني، ويتخلى لنفسه [في العشر الثالث] إلى أن قررها عمر، وجمع الناس عليها.

قال: وكان السبب فيه ما روي أن الناس كانوا يصلون في المسجد؛ فإذا سمعوا قراءة طيبة سعوا؛ فقال عمر: قد جعلتم القرآن أغاني؛ فجمعهم على أبي؛ فصارت سنة قائمة، ثم عمل بها عثمان، وعلي، والأئمة من سائر الأعصار، وهي من أحسن سنة سنها إمام.

فإن قيل: أهل المدينة يصلونها ستاً وثلاثين [ركعة]، أو تسعاً وثلاثين، وهم أعلم بفعل الصحابة فيها؛ فما وجه عدولكم عن ذلك؟

قيل: قد بين الشافعي مستندهم في ذلك؛ فقال: "أدركت أهل المدينة يصلون تسعاً وثلاثين ركعة، وذاك أن أهل مكة كانوا إذا صلوا ترويحة، وهي أربع ركعات، طافوا طوفة، إلا في الأخيرة، وأهل المدينة كانوا ينافسونهم في العبادات، ولم يكن عندهم شيء يطوفون به؛ فجعلوا بين كل ترويحتين أربع ركعات؛ فيجيء من ذلك ست عشرة ركعة، وثلاث ركعات الوتر، يكون الكل تسعاً

<<  <  ج: ص:  >  >>