وثلاثين ركعة؛ فأما غير أهل المدينة؛ فلا يجوز لهم أن يجاروا أهل مكة، ولا ينافسوهم؛ لأن الله-تعالى-فضلها على سائر البلاد.
وقد قيل: بل [كان] السبب في ذلك أن عبد الملك بن مروان كان له تسعة أولاد؛ فأراد أن يصلي جميعهم بالمدينة؛ فقدم كل واحد منهم فصلى ترويحة؛ فصارت ستاً وثلاثينن والوتر ثلاث.
وقيل: بل كان السبب أن تسع قبائل حول المدينة سارعوا إلى الصلاة، واقتتلوا، فقدمت كل قبيلة من صلى بهم ترويحة، ثم صارت سنة.
والأول: أصح.
فإن قيل: قد قال الشافعي: "فأما قيام شهر رمضان، فصلاة المنفرد أحب إلي منه"؛ وهذا يدل على أن فعلها فرادى أفضل عنده، وهو مخالف لقوله-عليه السلام-:"صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة"، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة فيها.
قيل في جوابه: قد اختلف الأصحاب في مراده:
فمنهم من قال: لم يرد الشافعي أنها لا تفعل في جماعة؛ فإنه نص في "البويطي" على أن فعلها في جماعة أفضل، وإنما أراد أن صلاة المنفرد في الوتر وركعتي الفجر أحب إلى من صلاة التراويح في جماعة؛ وهذا قول ابن سريج، وأبي إسحاق، وغيرهم، وبه يندفع السؤال.
ومنهم من قال:[مراده]: أن فعلها فرادى أفضل، وزعم أنه نص عليه في القديم، لكن يشترط ألا يخاف الكسل عنها في بيته، ويقرأ أكثر مما يقرؤه إذا صلاها في جماعة، وكانت الجماعة لا تتعطل بغيبته؛ لأنها من صلاة الليل.
قال الماوردي:[وبهذا] قال أكثر أصحابنا: وهو الأصح في "الإبانة".
ومنهم من قال بظاهره مطلقاً حكاه القاضيان: أبو الطيب، وابن كج، والإمام -رحمهم الله تعالى- لأنه عليه السلام كان يصليها منفرداً، وقال: " [أفضل]