قيل: ما ذكره من الأخبار منسوخ؛ لقول الزهري: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام. ولا يقول الزهري ذلك إلا عن سماع من الصحابة.
ويؤيده ما رواه ابن المنذر بإسناده: أنا أبا هريرة كان يأمر بسجدتي السهو قبل السلام، وهو راوي قصة ذي اليدين، وسائر أفعال الصلاة لايخرج بها منها؛ ولذلك قلنا: يأتي بالسجود بعدها، ولا كذلك السلام؛ فإنه يخرج به من الصلاة.
وقد حكى عن القديم قول آخر: أنه يتخير بين تقديمه على السلام وتأخيره عنه، زيادة كان السهو أو نقصاناً؛ لتقابل الأخبار.
وما ذكره الزهري فلا حجة فيه؛ لان الفعل لا يدل على نفي جواز الأول.
قال الروياني في "تلخيصه": وهذا أخذ من قول المزني: سمعت الشافعي يقول: إذا كانت سجدتا السهوبعد السلام تشهد لهما، وإن كانتا قبل السلام كفاه التشهد الأول.
وقال الطبري: إن أبا علي ذكر هذا في "الشرح" من تخريج الأصحاب، وأن الشافعي أشار إليه في القديم، ونقله المزني إلى "الجامع الكبير"، وبه يحصل في المسألة ثلاثة أقوال، ثم هي في الجواز ... والاعتداد به، أو [في] الاستحباب؟ فيه وجهان في "النهاية":
أصحهما-عند بعضهم- الأول، وادعى الإمام، والرافعي: أنه المشهور بين الأصحاب، قال الإمام: وعليه التفريع.
والذي حكاه الماوردي: الثاني، وادعى أنه [لا] خلاف بين الفقهاء أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده، وإنما اختلفوا في المسنون، وهذه الطريقة حكاها ابن كج أيضاً، وحينئذ يكون التقديم أفضل في قول، والتأخير أفضل عند السهو بالزيادة دون النقصان.
والثالث: أن التقديم والتأخير في الفضل سواء، زيادة كان السهو، أو نقصاناً، كذا صرح به الإمام.