للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أفهم كلام الشيخ أنه على القولني لا يتشهد بعد السجود؛ إذ لو كان يشرع عنده لذكره، وما حكيناه عن رواية المزني سماعاً من الشافعي صريح في أنه إن كان نيل السلام لا يتشهد بعده، وإن كان بعد السلام تشهد، وقد حكى هذا النص أيضاً القاضي الحسين.

واتفق الأصحاب على العمل به [فيما] إذا كان السجود قبل السلام، بل ادعى الماوردي أنه لا خلاف فيه بين العلماء، وأما إذا كان السجود بعد السلام، فقد اختلف الأصحاب فيه:

فمنهم من عمل بظاهر النص فيه أيضاً، وقال: الشافعي قصد بذلك بيان حكمة المسألة. وهذا اختيار أبي زيد؛ كما قال الرويانين وقال الماوردي: إنه مذهب الشافعي، وجماعة الفقهاء.

فعلى هذا يتشهد بعد سجوده، ويسلم، سواء كنا ممن يرى سجود السهو بعد السلام، أو كان ممن لا يراه؛ فأخره قصداً.

وقيل: إنه يتشهد أولاً، ثم يسجد، ثميسلم؛ قاله ابن سريج، ويعزي إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني.

والحناطي أثبت هذا الخلاف قولين.

ومنهم من قال: إنما أجاب الشافعي بما ذكره؛ تفريعاً على قوله: إن السجود للزيادة بعد السلام.

قلت: وهذه الطريقة ادعى البندنيجي والروياني أنها المذهب؛ حيث قالا: كل موضع قلنا: إنه يسجد قبل السلام فأخره إلى ما بعده، عامداً، أو ساهياً-المذهب: أنه يسلم عقيبه، ولا يتشهد.

وقال ابن الصباغ: إن قائلها أبو علي صاحب "الإفصاح" وأبو غسحاق، وصححاها، وتنسب الأولى إلى صاحب "التلخيص".

ومنهم من قال: [إن] هذا من الشافعي تفريع على مذهب غيره، وإذا كان كذلك، فلا يتشهد لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>