وروى مسلم عن أبي مسعود عقبة بن عامر البدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة؛ فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواء، [فأقدمهم سلماً"، وفي روأية]: فأقدمهم سنّاً"، ولا يؤم [الرجل] الرجل في سلطانه، ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه".
فثبت بهذه الأخبار تقديم الأقرأ.
قال الشافعي: والمخاطب بذلك الذين كانوا في عهده، وكان أقرؤهم أفقههم؛ فإنهم كانوا يسلمون كباراً، ويتفقهون قبل آن يقرءوا؛ فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه، وكان يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ؛ فإنه قيل: لم يحفظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - إلا خمسة: أبو بكر، وعثمان، وعلي، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وقيل: عبد الله بن عباس؛ فلذلك ذكر الأقرأ، وأمر بتقديمه، ولم يذكر الأفقه؛ ألا تراه لم يذكر النسب، وهو مما يقدم به؛ لأنهم كلهم كانوا ذوي أنساب.
ويشهد لقول الشافعي:"إن أقرأهم حينئذ أفقههم"، قول ابن مسعود: "كنا لا