للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو أولى"، والصواب الأول.

قلت: إذ لو لم يكن كذلك، لاحتجنا إلى جعل الواو في قوله: "السنة أن يؤم القوم أقرؤهم وأفقههم" بمعنى "أو"؛ دفعاً للتكرار.

قال: وإن زاد واحد في الفقه، أي: مع معرفته [من] القراءة ما يكفيه لصلاته، وزاد آخر في القراءة، أي: مع معرفته من الفقه ما يكفيه لصلاته - فالأفقه أولى؛ لأن عمر قدم على عثمان وعلي؛ لزيادة علمه، مع زيادة قراءتهما عليه، ولأن حاجة الصلاة إلى الفقه أدعى، ولأن ما يحتاج إليه من القراءة فيها محصور، بخلاف الفقه فقد ينوبه في الصلاة ما لا يعلم كيف يفعل فيه إلا بالعلم، ولا يعلمه من لا فقه له.

قال الرافعي: وقد حكى [القاضي] الروياني وغيره وجهاً: أنهما سواء؛ لتقابل الفضيلتين.

قلت: وهذا ما حكاه البندنيجى عن الشافعى [حيث قال: قال الشافعي:] هما سواء، وأيهما [تقدم، فحسن].

قال: والذي قاله الأصحاب: أن الأفقه أولى، وهو ما ادعى ابن الصباغ أن الشافعي أشار إليه؛ فإنه قال: قال الشافعي في كتاب الإمامة: "فإن قدم الفقيه إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة؛ فحسن، وإن قدم القارئ إذا علم ما يلزمه في الصلاة؛ فحسن"، ثم قال بعده: ويشبه أن يكون من كان فقيهاً، وقرأ من القرآن شيئاً أولى؛ لأنه قد ينوبه في الصلاة ما يعلم كيف يفعل فيه بالفقه، ولا يعلمه من لا فقه له.

ولا جرم قال الإمام: إن هذا مذهب الشافعي، رحمه الله.

وقد حكى القاضي أبو الطيب، وابن الصبإغ، عن ابن المنذر أنه اختار تقديم الأقرأ.

قال: فإن استويا في ذلك، أي: استويا في القراءة والفقه؛ قدم أشرفهما، وأسنهما؛ لاجتماع فضيلتين دلت عليهما الأخبار فيه، روى الشافعي بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>