وروى مسلم، عن مالك أيضاً قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي؛ فلما أردنا الإقفال من عنده قال:"وإذا حضرت الصلاة فأذنا، نم أقيما، وليؤمكما أكبركما".
والشرف الذي آثار إليه الشيخ: الشرف بالنسب.
قال ابن الصباغ: فيقدم بنو هاشم وبنو المطلب على غيرهم من قريش، وتقدم قريش على غيرها.
قال البندنيجي: وتقدم العرب أيضاً على العجم.
وهل يقدم بالانتساب إلى العلماء والصالحين؟
قال الإمام: رأيت في كتب أئمتنا ترددا فيه، والظاهر أن كل نسب معتبر في الكفاءة مرعى هاهنا.
والسن المشار إليه هو الحاصل في الإسلام؛ فمن أسلم من شهر وهو ابن عشرين مقدم على من أسلم بعده وإن كان ابن ثلاثين فأكثر؛ كذا قاله العراقيون، وحكاه الإمام عنهم، واستحسنه، وحكى عن شيحه شيئاً سنذكره.
قال البغوي: ومن أسلم أحد آبائه قبل آباء الآخر؛ فهو المقدم، نعم من أسلم بنفسه أولى ممن أسلم بأحد أبويه، وإن تأخر إسلامه عن إسلام من أسلم أبواه؛ لأنه إذا أسلم بنفسه فقد اكتسب هو تلك الفضيلة، بخلاف الآخر؛ كذا قاله في "التهذيب" أيضاً.
قلت: ويظهر أن يقال: هذا ظاهر إذا كان إسلام من أسلم بنفسه، قبل بلوغ من حكمنا بإسلامه تبعاً لأبيه، [أما إذا كان بعد بلوغ من حكمنا بإسلامه تبعاً لأبيه؛ فالذي يظهر تقديم من حكمنا بإسلامه تبعاً لأبيه]، والله أعلم.
قال: فإن استويا في ذلك، أي: استويا في القراءة، والفقه، والخرف، والسن - قدم أقدمهما هجرة؛ لقوله تعالى:{لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاَتلَ ...} الآية [الحديد: ١٠].
فإن قيل: الخبر دال على التقديم بالهجرة بعد القراءة، وقد قلتم: إن القراءة في ذلك الوقت تستلزم الفقه، ويقتضي ذلك أن يقدم بها بعدهما؛ فلم قدمتم بالشرف