قلنا: لأن الهجرة فضيلة واحدة؛ فإذا وجد في مقابلها فضيلتان، قدمتا عليها، نعم لو وجد في مقابلها إحدى الفضيلتين؛ فهل تقدم، أم لا؟ فيه خلاف سنذكره.
قال الأصحاب: ثم الهجرة المقدم بها في الإمامة لا تنقطع إلى يوم القيامة؛ فإذا أسلم اثنان، وتقدم أحدهما الآخر في الهجرة؛ فإنا نقدمه عليه في الإمامة، ويقدم أولاد المهاجرين على أولاد غيرهم، [ويقدم أولاد المهاجرين بعضهم على بعض]؛ يتقدم هجرة آبائهم.
قال القاضي أبو الطيب، والبندنيجي، وغيرهما من العراقيين; فإن قيل: قد روي أنه عليه السلام قال: "لا هجرة بعد الفتح".
قلنا: أراد بذلك؛ كما قال بعضهم: لا هجرة واجبة، أو لا هجرة [من مكة] إلى المدينة.
[و] كذلك نقول: لأن مكة يعد الفتح صارت دار إسلام.
أو نقول: أراد: لا هجرة كاملة؛ ويدل عليه رواية معاوية، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها".
قال: فإن استويا فى ذلك، أي: استويا في القراءة، والفقه، والشرف، والنسب، والهجرة - قدم أورعهما؛ لأن للورع تأثيراً في تكميل الصلاة.
والمراد به: حسن, الطريقة، والعفة، لا مجرد العدالة المسوغة لقبول الشهادة. وأصل الورع: الكف.
وما ذكره الشيخ هو ما أورده ابن الصباغ، وقال الإمام: إنه الذي يقتضيه قياس المذهب.