للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكي عن المزني وأبي ثور أنه يجوز أن تؤم الرجال في صلاة التراويح.

وبعضهم يضيف إلى ذلك شرطاً آخر: ولا يكون ثم قارئ غيرها، وأنها تقف خلفهم.

واحتجا على ذلك بما روي عن أم ورقة بنت نوفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها؛ فجعل مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها. رواه أبو داود.

وجه الدلالة منه أنه عام في التراوح وغيرها، وفي الرجال والنساء.

وجوابه: أن الدارقطني قال: إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها، ويجب الحمل على ذلك؛ فإنها كانت تؤم في الفرائض؛ [ولذلك] جعل لها مؤذناً، والأذان إنما يشرع في الفرائض.

وامتناع صلاة الخنثى [خلفها]، لاحتمال أن يكون رجلاً.

قال: ولا خنثى، أي: ولا تجوز صلاة رجل ولا خنثى خلف الخنثى.

ووجه امتناع صلاة الرجل خلف الخنثى احتمال كون الخنثى امرأة.

ووجه امتناع صلاة الخنثى [خلف الخنثى] احتمال كون الخنثى الذي هو إمام امرأة، والخنثى الذي هو مأموم رجلاً.

ثم هذا مخصوص بالخنثى المشكل، الذي لم تبن رجولته ولا أنوثته؛ فإن بانت ذكورته جاز للرجال الاقتداء به مع الكراهة [وإن بانت أنوثته جاز له الاقتداء بالمرآة مع الكراهة]، ومع الإشكال قال القاضي الحسين والإمام: إنه من المسائل التي يلغز بها: إذا اجتمع جماعة من الخناثى، وأمّهم أحدهم أين يقف؟

واعلم: أن الشيخ لو قال: ولا تجوز صلاة ذكر خلف امرأة ولا خنثى، كان أولى من قوله: "رجل"؛ لأن لفظ "الرجل" مختص بالبالغ، والصبي في هذا كالبالغ؛ نص عليه في "الأم"، ولفظ "الذكر" يشملهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>