وكون الجمعة ظهراً مقصوراً، ستعرف ما فيه فى باب: صلاة الجمعة.
وقد أفهم قول الشيخ منعها خلف من يصلي غير الظهر من طريق الأولى؛ فإن الظهر أقرب إليها من غيرها، وإذا امتنعت كان غيرها بالامتناع أولى، والوجه المذكور فى صحتها خلف من يصلى الظهر مذكور فيه أيضاً.
قال: وفي جوازها خلف صبي، أو متنفل- أي: بها - كالعبد، والمسافر يصلي الظهر، ثم يصلي الجمعة؛ كما قاله البندنيجي- قولان؛ أي: إذا تم العدد بدونه.
ووجه المنع: أنه ليس من أهل فرض الجمعة؛ فلم تنعقد وراءه؛ كالمرأة.
وهذا ما رجحه الشيخ أبو محمد، وأبو القاسم الكرخي، وطائفة.
ووجه الجواز: أنه ذكر: [أنه]، تصح جمعته مأموماً؛ فوجب أن تصح جمعته إماماً؛ كمن هو من أهلها، وبالقياس على سائر الصلوات.
وهذا ما اختاره في "المرشد"، قال الرافعي: وهو قضية كلام الأكثرين، [وأطبقوا على] أن الجواز في المتنفل أظهر منه في الصبي.
قلت: وفيه نظر؛ لأن القاضي أبا الطيب وابن الصبلغ حكيا القولين في الصبي، ونسبا المنع إلى نصه في "الأم"، والجواز إلى نصه في "الإملاء"، وقاسا المنع على المتنفل، وهذا يدل على أنه لا خلاف عندهما في المتنفل في عدم الصحة، لكن المشهور طرد الخلاف فيه كما ذكره الشيخ؛ صرح به البندنيجي، والفوراني، والإمام، وغيرهم؛ وكذا القاضي أبو الطيب في باب اختلاف نية الإمام والمأموم، واستشهد للجواز فيه بنص الشافعي في صلاة الخوف؛ حيث قال:"ولو اشتد الخوف، وأحاط بهم العدو؛ فصلى الإمام [يوم الجمعة بهم] صلاة الظهر، ثم انكشف العدو، والوقت بعد باق؛ فخطب، وأم طائفة منهم لم يصلوا الظهر - جاز، والإمام متتفل؛ لأنه قد أدى فريضة الوقت".
وما ذكرناه من تصوير المتنفل مفرع على الجديد في أن أرباب الأعذار إذا