للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوافقه إجماع الصحابة في زمن عمر - رضي الله عنهم - روي أن عمر سمع صوتاً خلفه في الصلاة؛ فلما فرغ أعاد والحاضرون الصلاة والوضوء، وكانت صلاته وصلاة من لم يخرج منه الصوت [الثانية نافلة، وصلاة من خرج منه الصوت] فرضاً، ولم ينكره نكير، بل وقع ذلك باتفاق الحضور عليه.

وقد حكى المراوزة وجهاً آخر: أنه لا يجوز أن يصلي المغرب أو الصبح خلف من يصلي صلاة رباعية؛ لأجل التخلف عن الإمام لو صحت القدوة، نعم لو كان الإمام قد سبقه بركعتين جاز أن يقتدي به في الصبح، أو سبقه بركعة، جاز أن يقتدي به في المغرب؛ إذ لا تخلف حينئذ، وقد حكى الإمام والمسعودي هذا قولاً للشافعي، وادعى القاضي الحسين أن ظاهر كلامه في "المختصر" يدل عليه، وعلى هذا فهل يجوز أن يصلي صلاة الفرض خلف من يصلي صلاة التسبيح؟ فيه وجهان، فإن قلنا: يجوز؛ فإذا رفع الإمام [رأسه] في الركوع هل يلزمه الخروج عن متابعته؟ يحتمل وجهين: الأصح: لا.

والصحيح صحة صلاة الصبح [والمغرب] خلف من يصلي الرباعية، وعلى هذا إذا صلى الصبح خلفه، تخير المأموم عند رفع الإمام رأسه من ركوع الثانية بين أن يفارقه ويقنت، وبين أن يتابعه، ولا محجوب عليه للسهو، وكذا في عكسه إذا صلى الظهر خلف من يصلي الصبح؛ فإذا قنت الإمام إن شاء أخرج نفسه من الجماعة، وإن شاء صبر ذلك القدر إن لم يطل.

ولو صلى المغرب خلف من يصلي الظهر، جلس عند قيام الإمام [في الثالثة]، وتشهد وسلم؛ فلو أراد أن ينتظره حتى يقعد؛ فيسلم معه، قال الإمام: لم يكن له ذلك، [و] على ظاهر المذهب: فإنه فارقه لما جلس للتشهد؛ فلا يتتظره بعدما فارقه.

قال الرافعي: ومنهم من أطلق جواز الاتتظار أيضاً.

قلت: ومادته صحة صلاة الخوف على النحو الذي رواه ابن عمر؛ كما ستعرفه، وحينئذ يجيء الكلام في تحمل الإمام سهوه بعد قيامه، أو لا؛ كما هو

<<  <  ج: ص:  >  >>