الاستطراق؛ كالباب المردود من غير قفل، وقد حكى في "الوسيط"[فيه] الوجهين في المسألة قبلها، وألحق ابن التلمساني بالباب المردود الستر المرخى، والمختار في مسألة الباب المردود في "المرشد": الجواز أبضاً.
قلت: وكلام العراقيين وغيرهم يدل على المنع؛ لما ستعرفه من قولهم: إنه إذا كان الإمام في سفينة، والمأموم في أخرى، وهما مستوران، أو المستور سفينة الإمام فقط - أن الصلاة لا تصح؛ لعدم المشاهدة. مع قطعهم بالصحة عند المشاهدة، وتخطئه الإصطخري في القول بعدم الصحة.
وقد أفهم قول الشيخ:"وإن منع الاستطراق دون المشاهدة بأن يكون بينهما شباك": أن ما يمنع الاستطراق دون المشاهدة غير ذلك، مثل: أن يكون بينهما نهر لا يخوضه غير السابح، ولا جسر عليه-: أنه لا يجري فيه الوجهان؛ إذ لو كانا يجريان عنده في هذه الصورة، لقال: مثل أن يكون بينهما شباك. ولا شك في أن الذي نص عليه الشافعي في مسألة النهر الجواز، ونسب إلى الإصطخري المنع؛ إلحاقاً له بالحائط؛ فإنه [لا يمكن معه التطرق]؛ فأشبه ما نص عليه الشافعي أنه لا تجوز صلاة من بجوار المسجد فى السطح بمن في قرار المسجد.
وقد جزم بهذا القاضي الحسين، والجمهور على [تصحيح النص]، وبعضهم نسب الإصطخري إلى الخطأ.
ووجه الماوردي ذلك: بأن الحائل ما اتخذ حائلاً، ومنع من المشاهدة، والماء ليس بحائل، وإنما لا يقدم عليه؛ خوفاً من الهلاك؛ فصار كالنار التي تمنع من الإقدام عليها؛ خوفاً [من] الهلاك، ولا يمنع من صحة الائتمام يإجماع، ولو جاز أن يكون الماء حائلاً؛ لأنه يمنع من الإقدام عليه، لوجب أن يقع الفرق بين السابح وغيره، فلا يكون حائلاً في السابح؛ لأنه يمكنه الإقدام عليه، [ويكون حائلاً لغير السابح]؛ لأنه لا يمكنه الإقدام عليه، وفي إجماعهم على أن ذلك غير معتبر دليل على أن الماء غير حائل.