قلت: وقد ادعى بعضهم أن النار كالماء سواء؛ فتمنع عند الإصطخري، ولا خلاف في أن ما يخوضه [غير]، السابح لا يمنع القدوة، وكذا إذا كان لا يخوضه إلا السابح، وكان عليه جسر.
وينبغي [أن يكون محل ذلك إذا وقف المأموم بإزاء الجسر دون ما إذا وقفا بعيداً عنه، فإنه حينئذ] يشبه ما إذا كان بينهما حائط فيها باب أو شباك أو فرجة، فلم يقف المأموم بإزائها، ولكن وقف يإزاء ما هو مسدود منه؛ فإنه لا يصح اقتداؤه وجهاً واحداً؛ كما لو كان الباب من جهة أخرى.
وقد خص البغوي الجواز بما إذا كان النهر في الصحراء، أما إذا كان [النهر] في مسجد، وقد حفر قبل بنائه، فقد تقدم عنه الجزم بأنه لا بد من الاتصال، دون ما إذا حفر بعد جعل البقعة مسجداً.
والطريق المسلوك كثيراً كالشارع إذا كان بين الإمام والمأموم، وهما على سطحين - قال المتولي: فهو كالنهر، إن كان غير عريض بحيث لا يمنع الاستطراق، لم تمتغ القدوة، لأن كان عريقاً يمنعه؛ فعلى الوجهين.
وإن كان الإمام والمأموم على الأرض، وبينهما الطريق فقط، فقد أفهم كلام الماوردي أنه لا يعد حائلاً؛ [لأنه ما اتخذ حائلاً]، وقضية ذلك صحة الاقتداء، وهو ما أورده المتولي والعراقيون.
قال في "الحاوي": وقد غلط بعض أصحابنا؛ فقال: إنه حائل يمنع من صحة الصلاة، وكذا حكاه الإمام، وقال: إنه مزيف، لا أصل له.
ووجهه: أن أنس بن مالك صلى في بيت حميد بن عبد الرحمن [بن عوف] الجمعة بصلاة الإمام في المسجد، وبينهما طريق.
والقاضي الحسين والفورانى جزما القول بأنه حائل.
ثم محل الخلاف في غير الصحراء، أما إذا كان في الصحراء؛ فكلها طريق، [فلا]، تمنع؛ قاله في "الكافي".
وقال الرافعي: إنه لا فرق في جريانه بين الصحراء وغيرها ما لم يكونا في المسجد.