مداواتك، وهو قادر على القيام- احتمل أن يجوز له ترك القيام؛ كما يجوز له ترك الصيام؛ لأجل رمد العين، وهذا ما اختاره في "المرشد"، وكثير من أصحابنا؛ كما قاله الروياني في "تلخيصه".
واحتمل ألا يجوز؛ لأن ابن عباس لما قرب من العمى، قال له بعض الأطباء: لو صليت سبعة أيام مضطعاً وعالجتك برأت عينك؛ فاستفتى عائشة وأم سلمة وأبا هريرة؛ فنهوه عن ذلك، ويخالف الصوم؛ لأنه يرجع إلى بدل تام مثله، ولا كذلك ها هنا، وخالف الاضطجاع لأجل المرض؛ لأن هناك المشقة تحصل من نفس القيام؛ فتركه دافع للضرر قطعاً؛ فلذلك لم نوجبه، وها هنا القيام لا تحصل به مشقة، [بل الموجود ظن حصول البرء لو اضطجع، وبينهما فرق.
ثم هذا التردد من الشيخ] مؤذن بأنه ليس في المسألة نص للشافعي، ولا لأصحابه، وإنما الاحتمالان له، ولا شك بأنه لا نص فيها للشافعي، والاحتمالان لغيره، وقد حكاهما في "المهذب" وجهين.
وقال العبادي في "زوائده": إن الطبري شبه ذلك بما لو كان يخاف من استعمال الماء طول الضنى فهل له أن يتيمم؟ وفيه قولان.
وعلى هذا يمكن أن يحمل كلام الشيخ على أنه أراد أن التردد لشخص واحد، [لا أنه] قال بكل احتمال شخص، ومنع غيره.
ويؤيد ذلك أنه قال فيما إذا وكل عبده في شيء، ثم أعتقه: احتمل أن ينعزل، واحتمل ألا ينعزل. والاحتمالان لابن سريج، ولا جرم صرح في "المهذب" بحكاية وجهين في الانعزال؛ كما فعل في هذه المسألة.
ثم [هذا] التردد ظاهر الشبه بما ذكره الطبري، إذا كانت المسألة مصورة بما ذكرناه [من أنه] لا يخشى من القيام زيادة في الوجع [إلى أن يفضي إلى العمى.
أما إذا كان يحصل منه زيادة في الوجع؛] فقضية تشبيه الطبري أن يجيء فيه الخلاف بالترتيب، وأولى بالجواز كما في التيمم؛ ومن ها هنا يقوى ما ذكره الإمام