من أن المرض الذي يجوز الاضطجاع في الصلاة فوق المرض الذي يجوز القعود فيها، وأن أقرب شبه به المرض المجوز للتيمم، لكنه قال في هذه المسألة بعد أن قال:"إنه لا نص للشافعي في هذه المسألة"-: إذا لم يكن للشافعي فيها نص، وقد نقل أصحابنا فيها خلاف العلماء؛ فالمسألة محتملة، وفساد البصر شديد، وتكليف المصلي ما يغلب على الظن منه العمى بعيد، وحديث ابن عباس واستفتاؤه تعلق بمذهب آحاد من الصحابة، وحكاية حال؛ فلعلهم لم يثقوا بقول الطبيب، ورأوا أن الأمر شديد، وأن العلاج غير مُجد.
وقد أفهم كلام ابن الصباغ الميل إلى جواز الاضطجاع؛ فإنه قال بعد حكاية التردد: إن ما ذكر من الجواب عن الصوم والمرض فاسد؛ لأن فعل الصوم في غير زمانه بدل ناقص، والآخر يبطل بما إذا خاف الزيادة في المرض من استعمال الماء؛ فإنه غير متحقق، ويجوز تركه به.
قال الإمام: ثم إن صح ما قاله العراقيون، فالذي أراه لو كان [القعود] معيناً على البرء، جاز بلا خلاف؛ ولذلك ذكر شيوخ الأصحاب الخلاف في المسألة فص صورة الاضطجاع، وسكتوا عن صورة القعود.
قال الرافعي: وهذا قاله بناء على ما حكاه من أنه يجوز ترك القيام بما لا يجوز به ترك القعود، والمفهوم من كلام غيره أنه لا فرق.
واعلم: أن الشيخ محيي [الدين] النواوي قال: إن المذكور في الأصل: "وإن كان به وجع؛ فقيل: إن صليت ... " إلى آخره، ويقع في أكثر النسخ:"وجع العين"، والصواب: حذفها؛ [لأنه أعم]. وفيه نظر، والله أعلم.