والفرق بين ما نحن فيه والمحال في البلدة أن المحال تعزى إلى بلدة، وخطتها شاملة لها، وها هنا القرية منفصلة عن القرية باسمها وحدودها؛ والدليل عليه: أنا لو فرضنا قرى كثيرة متصلة تمتد خطتها مراحل؛ فيلزم على قياسهم ألا يستيبح الخارج من أقصاها الترخص ما لم يخرج عن جميعها، وهذا بعيد جدّاً، والمذهب الأول.
ولو جمع القرى المتفاصلة سور، فلا يشترط في القصر [في الواحدة منها] مجاوزة السور، وكذا لو قدر في بلدتين متقابلتين؛ صرح به الرافعي.
فرع: إذا لبث في ظاهر البلد في موضع لو كان فيه سائراً لقصر، ينتظر الرفقة؛ فهل له أن يقصر؟ نظر:
إن نوى أنهم [إن] لم يجتمعوا قبل أربعة أيام سافر، فله القصر مدة مقامه، وإن قصد الإقامة حتى يجتمعوا، ولم ينو ذلك، لم يقصر حتى يجتمعوا؛ قاله في "المهذب"، وغيره، ويحكى عن نصه في "البويطي".
قال: أو خيام قومه، أي: الذين يرحلون برحلته، أو يرحل برحلتهم؛ إن كان من أهل الخيام؛ لأن الخيام في حق أهلها كالدور في البلد.
وعن ابن سريج حكاية وجه: أنه يكفيه مفارقة خيمته خاصة.
والمذهب الأول.
وقد اقتضى كلام الشيخ أنه لا فرق في اشتراط مفارقة خيام قومه بين أن تكون مجتمعة أو متفرقة، وبه صرح في "الحاوي" إذا كان كل قوم [يتميزون بمحلة،] وحكاه الروياني في "تلخيصه" عن النص، وقل فيما إذا كانت الخيام غير متميزة، ولم تتميز البطون: فإن اتصلت؛ فلا بد من مفارقة جميعها؛ نص عليه في "الأم"، وإن تفرقت قصر، إذا فارق ما يقارب خيمته، وهذا ما أورده في "المهذب".
والمراد بالتفرق: أن يكون بحيث لا يستعير بعضهم من بعض في العادة؛