وقد اعتبر المراوزة مع مجاوزة الخيام مفارقة موضع مرتفقهم، مثل: مطرح الرماد، وملقى السماد، ومتحدثهم – وهو المسمى بالنادي- ومعاطن الإبل، ومجتمع البهائم، وملعب الصبيان، وإن نزلوا على ماء، أو محتطب، فلابد من مجاوزته، إلا أن يتسع بحيث لا يختص بالنازلين، وهذا إذا كانت الخيام في مستو من الأرض، فلو كانت في واد، فقد قال في "الأم": "إن كان السفر في طوله؛ فلا يشترط الخروج من الوادي، وإن كان السفر في عرضه؛ فلابد من جدعه"، أي: قطعه.
قال الماوردي والقاضي أبو الطيب في تعليقه: وقد اختلف الأصحاب في تأويل قوله: "في العرض":
فمنهم من قال: أراد إذا كانت الخيام قد استوعبت جميع عرض الوادي، وأنه لا يصير خارجاً عن المحلة حتى يقطعه، ويصير في الجانب الآخر، أما إذا لم تستوعبه، فيكفيه مجاوزة الخيام؛ وهذا ما حكاه البندنيجي، والإمام والروياني في "تلخيصه".
ومنهم من قال:[إنما قال] هذا لأن عرض الوادي كالحائط للمحلة؛ لأنه يمنع الاستطراق إليهم، وقد ثبت أنه لا يجوز للقروي أن يقصر حتى يجاوز حائط البلد، كذلك لا يجوز للبدوي حتى يجاوز عرض الوادي؛ لأنه بمنزلة الحائط، وهذا [ما عزاه الماوردي إلى البصريين من أصحابنا، وكلام ابن الصباغ في حكاية ذلك] عن القاضي أبي الطيب يشعر بأن القاضي صار إلى ذلك من عند نفسه، وعليه جرى الرافعي.
وإن كان القوم على ربوة؛ فلا بد من الهبوط منها، ولو كان الشخص لا خيمة له، بل يأوي إلى بقعة من البر، فلابد من مجاوزة ذلك [الموضع]؛ نص عليه.
ولو كان سفره في البحر [و] الساحل متصل بالبلد، قال في "التهذيب": فلا