يقصر حتى يركب السفينة، وتجري، ولو كانت السفينة كبيرة لا تتصل بالساحل، وينقل المتاع بالزوارق؛ فله أن يقصر في الزورق.
وقد ظهر [لك] مما ذكرناه أن الشيخ احترز بقوله: "إذا فارق بنيان البلد، أو خيام قومه" عن أمرين:
أحدهما: ما إذا نوى السفر، ولم يفارق ذلك.
والثاني: ما إذا فارق منزله، ولم يفارق ذلك.
وقد قال بجواز القصر في كل من الحالين بعض العلماء، وممن نسب إليه الجواز في الحالة الأولى الإمام مالك؛ كما حكاه الروياني في "تلخيصه"، والماوردي نسبه إلى عطاء، والأسود، والحارث بن [أبي] ربيعة، وقال: إنهم قالوا: لما صار مقيماً بمجرد النية، [من غير فعل، [وجب أن] يصير مسافراً بمجرد النية].
وفي "الحاوي": أنه لا فرق بينهما؛ فإن الإقامة [إنما تحصل إذا اقترنت بفعل، وهو المكث في المكان، حتى لو نوى الإقامة] وهو ماش، أو سائر، أو راكب في سفينة- كانت نيته لغواً، وجاز له القصر حتى ينوي الإقامة مع اليث، وهو ما حكاه البندنيجي أيضاً، والبغوي وشيخه.
وغيرهم فرقوا بأن الأصل في الإنسان الإقامة؛ ولذلك عاد إليها بمجرد النية، والسفر عارض لا يثبت حكمه إلا بوجود فعل السفر، ونظيره مال القنية لا يصير للتجارة بالنية حتى ينضم إليها التصرف، وينقطع حكم التجارة بمجرد نية القنية؛ لأنها الأصل.
وقال أهل اللغة: لا تكون الخيمة من ثياب، وصوف، ووبر، وشعر، ولا تكون إلا من أربعة أعواد، ثم تسقف بالثُّمام، وإنما يسمى المتخذ من صوف، ووبر، وشعر: خباء، وهذا مراده المصنف، ولكنه مجاز.