قال: والأفضل ألا يقصر إلا في سفر يبلغ مسيرة ثلاثة أيام؛ لأن أبا حنيفة، والحسن بن صالح [و] الثوري، وعبد الله بن مسعود [وسويد] بن غفلة قالوا: لا يجوز القصر في أقل من ذلك؛ لقوله عليه السلام:"يمسح المسافر على خفة ثلاثة أيام" ولا يمكن [للمسافر أن يمسح] ذلك إلا إن كان سفره ثلاثة أيام.
وقوله عليه السلام:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم لها".
ولأن الثلاثة أقل الكثير، وأكثر القليل، ولا يجوز له القصر في قليل السفر؛ فوجب أن يكون أقل الكثير، وهو ثلاثة حدّاً له؛ فاستحب الشافعي ألا يقصر المرء في أقل من هذه المدة؛ للخروج من خلافهم، ولفظه المحكي في "المختصر": "فأما أنا فأحب ألا [أقصر في] أقل من ثلاثة أيام؛ احتياطاً على نفسي".
قال القاضي أبو الطيب: وهذا كقوله: "إذا مرض الإمام، فإنه يصلي قاعداً، والناس قياماً خلفه، والأفضل له أن يستخلف من يصلي بهم حتى يخرج من الخلاف"، [وكقوله:"إذا حلف، فالأفضل ألا يكفر بالمال إلا بعد الحنث [حتى يخرج] من الخلاف"،] ومثله قوله في الزكاة، بعد أن بين مذهبه في أن