الواجب في المعدن يختص بالذهب [و] الفضة، ولا يزيد على ربع العشر، وفي الركاز [يخمس الذهب والفضة]-: "ولو كنت أنا الواجد، لخمست القليل والكثير، والذهب والفضة وغيرهما، ولو فخارة".
وإنما لم يشترط الشافعي مجاوزة الثلاث؛ لما تقدم من الأدلة.
قال القاضي الحسين: ولأن ما اعتبرناه لا يتفاوت في البر والبحر، كان الطريق سهلاً أو حزناً، وكان أولى مما اعتبروه؛ لأن ذلك يختلف بالصعود والهبوط والخشونة؛ فلا يمكنه أن يسير معها [الشخص] أكثر من عشرة فراسخ، ومع السهولة يسير أكثر من ذلك، وكذا في سفر البحر.
والخبر الأول يمكن العمل به وإن كانت المسافة ما ذكرناه؛ بأن يقطعها الشخص في ثلاثة أيام، على أن المراد به: بيان مدة المسح لا بيان مدة السفر، ألا ترى إلى قوله فيه:"ويمسح المقيم يوماً وليلة"، وأقل الإقامة عندنا أربعة أيام، وعندهم خمسة عشر يوماً [وليلة؟!].
والخبر الثاني [قد] روي بألفاظ مختلفة: روي: "ثلاثة أيام"، وروي "يوماً وليلة"، [وروى:"ليلتين"،] وروي:"بريداً"، وإذا اختلفت ألفاظهم وجب التوقف [في العمل به] إلى أن نتبين الصحيح منها.
و [لأنه] إنما نص على الثلاث؛ لأن الغالب الخوف فيها.
وأما قولهم: إن الثلاثة أقل الكثير ... إلى آخره، فلا يصح؛ لأن الثلاثة تعتبر في الشرع بحكم ما دونها، [لا بحكم ما فوقها كشرط الخيار، وحد المقام، واستتابة المرتد؛ فاقتضى أن يعتبرها في السفر [بحكم ما] دونها]، ونحن كذلك نقول.
وقد اقتضى كلام جمع من الأئمة: أن أبا حنيفة يعتبر المسافة بالأيام، كماتقدم.
والماوردي وغيره حكوا عنه أنه اعتبرها بأربعة وعشرين فرسخاً،