للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى القول الأول منهما في هذا القسم البندنيجي عن نصه في "الإملاء" وأشار إليه في "الأم" أيضاً في كتاب استقبال القبلة، بقوله: "فإن زاد على أربع، أحببت أن يتم، فإن قصر أعاد" يعني: استحباباً؛ لأنه جعل الإتمام مستحباً. والقول الثاني فيه أخذ من قوله في "الأم" بعد ذلك: ولو قيل: الحرب وغير الحرب سواء في هذا، كان مذهباً.

والطريقة الثانية- قالها أبو إسحاق المروزي وغيره-: أن في المسألة قولاً ثالثاً: أنه يقصر أربعة أيام، فإذا زاد عليها، أتم.

قال في "المهذب": لأن الإقامة لا يلحقها الفسخ، والنية يلحقها الفسخ، ولو نوى مقام أربعة أيام- لم يقصر، فلألا يقصر إذا أقام أولى، والفرق بينه وبين من حاجته قتال من وجهين:

أحدهما: أن الحرب تؤثر في الصلاة تخفيفات ورخصاً، ستأتي مشروحة في باب: صلاة الخوف، كصلاة ذات الرقاع، وصلاة عسفان، وصلاة شدة الخوف، ولا كذلك غيرها من الحاجات.

والثاني: أن القتال ينتهي إلى مبلغ لا يجوز الانكفاف عنه فيسقط فيه [أثر] قصد الإقامة؛ فإن الشرع جازم أمره بالإقامة، وسائر الحاجات قد لا تكون كذلك.

وهذا القول ادعى القاضي الحسين أنه نص عليه في "الإملاء"؛ لأنه نص عليه في حاجة القتال، ثم قال: "والحرب وغيره سواء، ولو قال به قائل كان مذهباً"، وادعى الماوردي: أنه من تخريج المزني، وقال غيره: إن أبا إسحاق أخذه من قول المزني في "المختصر" حكاية عن الشافعي: فإن زاد على أربع أتم، وإن قصر أعاد.

قال البندنيجي- تبعاً لشيخه الشيخ أبي حامد-: وليس بشيء، والمزني ترك قول الشافعي: "أحببت"، وهو الدال على أن الإعادة على وجه الاستحباب كما تقدم.

وادعى ابن الصباغ أن ما نقله المزني صحيح؛ لأنه وجد في كتاب استقبال القبلة من "الأم" بعد هذا الموضع بأسطر: "وإن كان محارباً أو خائفاً، مقيماً في

<<  <  ج: ص:  >  >>