موضع سفره- قصر ثمانية عشر يوماً، فإذا جاوزها أتم [وإذا كان غير خائف قصر أربعاً، فإذا جاوزها أتم"]، وهذا مثل ما نقله المزني، قال: ويحتمل أن يكون قوله: أحببت، خطأ القلم؛ لأنه في الموضع الذي يستحب فيه القصر لا يؤمر بالإعادة إذا أتم، ولأنه إذا لم يجب الإتمام، ينبغي أن يكون حكمه حكم المسافر، والمسافر لا يستحب له عنده الإتمام في هذا الباب.
وهذا من ابن الصباغ يقتضي ترجيح طريقة أبي إسحاق الحاكية لثلاثة أقوال في الحاجة إذا لم تكن قتالاً.
وقد حكى عن القاضي أبي حامد المروروذي أنه قال في "جامعة": إنها أظهر. وحكى الإمام- عوضاً عن القول الثالث منها- أنه يقصر ثلاثة أيام، وبعد الثلاثة يتم، وكذا حكاه الفوراني أيضاً، وصحح القول بأن فيها ثلاثة أقوال:
هذا أحدها.
والثاني: يقصر ثمانية عشر يوماً.
والثالث: يقصر أبداً.
وعبارته في "المهذب" في حكاية القول الثاني، الذي هو أول في الكتاب: أنه سبعة عشر يوماً، وعبارة الماوردي في حكايته: أنه يقصر سبعة عشر يوماً، أو ثمانية عشر يوماً، [وهذا التردد منه ليس للتخيير؛ بل لبيان أن للشافعي في هذا القول قولين في أنه هل يقصر سبعة عشر يوماً،] أو ثمانية عشر يوماً؛ لاختلاف الرواية، وأخذ الشافعي بهما؛ لتقاربهما، وقد تقدم نسبة ذلك لبعض الأصحاب من المراوزة في حاجة القتال.
قال الماوردي: والأقوال تجري فيما إذا كان سائراً في البحر، فمنعه الريح من السير، وأقام ينتظر سكونه أياماً، وأنه لا يختلف الحكم على الأول بين ألا يستقيم الريح إلى أربعة أيام، أو يستقيم له الريح، فتسير السفينة عن مكانها، ثم رجعت الريح، فردته إلى موضعه الأول؛ [فإنه يقصر] تمام الأربع، ويأتي فيما بعدها الأقوال.
وقد حكى القاضي الحسين أن من الأصحاب من أرجى القول بوجوب الإتمام بعد الأربع [في حاجة القتال أيضاً، لأجل قول الشافعي: "الحرب وغيره