وقد أشار الشيخ إلى نفيه؛ حيث قال: والأفضل أن يقدم الأولى [منهما]، وألا يفرق بينهما؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كذا كان يفعل، وإنما لم يجب؛ لأنه لو أخر الأولى إلى الثانية بغير عذر- لما وجب، بل جاز له تقديم [العصر على الظهر] كما تقدم في باب المواقيت، وجاز له التفريق؛ فمع العذر أولى.
قال الإمام: وقد غلط بعض أصحابنا، فقال تفريعاً على هذا: إن صلاة الظهر تكون مقضية، وفائدة الرخصة رفع الإثم، وتجويز قصر الظهر. وهذا زلل، وقلة بصيرة بالمذهب؛ فإن أصحاب الضرورات إذا زالت ضروراتهم، وقد بقي إلى الغروب قدر خمس ركعات، فنجعلهم مدركين لصلاة الظهر؛ حملاً على الوقت المشترك، ولو كان الظهر مقضياً في وقت العصر في حق المعذورين، لما تحقق الاشتراك في الوقت قطعاً؛ فيلزم ألا يكونوا مدركين لصلاة الظهر، ولأنها [لو] كانت مقضية بالتأخير، لوجب أن يتوسع في وقت قضائها في العمر حتى يقال: يقضيها المرء متى شاء. ولا خلاف في أنه لا يجوز للمسافر أن يخرج صلاة الظهر عن وقت العصر.
وهذا كله تفريع على عدم وجوب الترتيب والموالاة، المذكور في طريقة أهل العراق، والأصح عند المراوزة- وحكوا معه وجهاً آخر-: أن الترتيب يجب؛ لأن فعلها يكون أداء كما في التقديم، وقد اختاره في "البسيط".
وقال في "التتمة" هاهنا، والقاضي الحسين قبيل كتاب الجنائز: إن وجوب الموالاة مفرع على وجوب الترتيب.
[وقال الإمام: إن الصيدلاني لم يتعرض لذكر الخلاف في الترتيب، والذي فهمته من مساق كلامه قصر الخلاف على الترتيب]؛ فإنه ظاهر، وأما اشتراط الموالاة، فلا معنى له عندي؛ فإنا إذا قلنا: تقدم العصر والفراغ منها يلحق الظهر بالفائتة، فهذا له وجه، وأما أن نقول: إذا أقام الظهر تعين فعل صلاة الظهر [بعدها] وصلاة العصر] مؤداة في وقتها- فليس لذلك وجه، بل إذا قدم العصر،