فيجوز أن نقول: شرط إجزاء صلاة العصر مقدمةً أن توصل بالظهر، فإن لم توصل لم تصح؛ لأنها مقدمة، فشرط إجزائها وهي مقدمة: الموالاة، هذا بين، فأما إيجاب تعجيل العصر على أثر الفراغ من الظهر في وقت العصر، فيبعد جدّاً، فتأمل ذلك؛ فإنه حسن بالغ.
فروع:
أحدها: إذا قلنا بوجوب الموالاة، فيجب عليه أن ينوي عند الشروع في الصلاة الأولى الجمع، كما في الأولى؛ قاله في "الفتاوي"، وكذا الإمام، وإن قلنا: لا تجب، فلا يشترط [وإن] أوجبنا الترتيب؛ قاله الإمام.
الثاني: إذا قلنا بوجوب الترتيب، فإذا قدم العصر على الظهر؛ فلا يجوز له أن يصلي الظهر قصراً، إذا قلنا: إن الفائتة في السفر لا تقضي قصراً، وعصى الله تعالى، وهل يجوز له أن يصلي العصر قصراً؟
قال القاضي الحسين قبيل صلاة الجنائز: المذهب نعم؛ لأنه يصليها في وقتها وهو مسافر، وقيل: لا؛ لأنه إنما جوز له قصر كلتيهما للجمع، [وهو قد] ترك الجمع- علة قصر إحدى الصلاتين- فلذلك بطل عليه قصر الصلاة الثانية.
الثالث: إذا راعينا الترتيب والموالاة، فصلى الظهر قبل العصر، وتحقق أنه ترك سجدة من الظهر- فسد عصره، وعليه إعادة الظهر تامة، ويجيء فيه القول الآخر، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بعدم وجوب الترتيب والموالاة؛ فإنه يعيدها قصراً، بلا خلاف، ولو تحقق أنه تركها من العصر بنى إن كان الفصل يسيراً، وعليه أن يعيد العصر إن كان الفصل طويلاً، والظهر إن كان قد أتمها فلا شيء عليه، وإن كان قد قصرها فعليه إعادتها تماماً على وجوب الموالاة؛ لأنه بطل حكم الجمع، وفات الظهر، وإن شك هل هي [من] الأولى، أو [من] الثانية- أعاد كلتيهما، ولا يجوز الجمع بينهما؛ بناءً على أن التفريق لا يجوز، ويجب أن يتم الظهر.
وقد سلك الماوردي طريقاً آخر، فقال: إن صلى الظهر، ثم العصر عقيبه- فقد