للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصل له الجمع، وكان مؤدياً لكلتا الصلاتين، وإن صلى الظهر، ثم تنفل، أو صبر زماناً طويلاً، ثم صلى العصر- لم يكن جامعاً بينهما، وكان قاضياً للظهر، مؤدياً للعصر، ولا يكون بذلك عاصياً؛ لأنه قد صلى العصر في وقتها، والظهر كان له تأخيرها. وإن قدم العصر، ثم صلى الظهر بعدها، فلا يكون جامعاً بينهما في الحكم، وتجزئه الصلاتان معاً، ثم إن كان قد صلى الظهر عقيب العصر من غير تطاول، لم يكن عاصياً، وكان بمنزلة من نسي صلاة الظهر، ثم ذكرها وقد دخل وقت العصر. وإن تطاول الزمان، بأن صلى العصر، ثم صبر زماناً طويلاً، ثم صلى الظهر- فهذا عاص بتأخير الظهر بعد العصر؛ لأن له تأخيرها إلى وقت العصر بنية الجمع، ويجوز له تقديم العصر عليها إذا ترك الجمع، ولا يجوز له تأخيرها [بعد صلاة العصر، فإن أخرها كان عاصياً. وكذلك الحكم في المغرب مع العشاء].

قال: ويجوز للمقيم الجمع في المطر في وقت الأولى منهما، إن كان يصلي في موضع يصيبه المطر، وتبتل ثيابه؛ لما روى أبو داود، عن ابن عباس قال: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولا سفر". قال مالك: أرى ذلك كان في مطر. وأخرجه مسلم وليس فيه كلام مالك، وقد ذكر بعض الشارحين أن الشافعي ومالكاً قالا: "نرى ذلك بعذر المطر .. ".

والمشهور في "التتمة" وغيرها: أن الشافعي قال: "قال مالك: لا أرى ذلك إلا بعذر المطر"، وأن الشافعي استأنس بقول مالك، كما استأنس بقول ابن جريج في تحديد القلتين.

فإن قيل: قد روى مسلم، عن ابن عباس قال: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف، ولا مطر، فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته"، وهذا ينفي تأويل مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>