قلنا: ذلك لا يضرنا؛ لأنه يقتضي الجمع من غير مطر، فمع المطر أولى. على أنا نؤوّله، فنقول: مراده: ولا مطر يصيبه، بأن كان تحت سقف، وقد روى نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم "جمع بين الظهر والعصر في المطر"، وروى الأثرم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال:"إن من السنة إذا كان يوم مطر أن يجمع بين المغرب والعشاء"، وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أفهم كلام الشيخ أموراً:
أحدها: أنه لا فرق في الجمع بسبب المطر بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وهو المشهور، وعن صاحب "التقريب" رواية قول غريب في اختصاص ذلك بالمغرب والعشاء، [وهو المشهور] لمذهب مالك.
قال الإمام: وقد حكاه العراقيون وأسقطوه، ولم يعدوه من المذهب، وأولوه، وقد ادعى بعضهم أن له اتجاهاً من جهة الظلمة، وهو شبهة مالك.
وأصحابنا نقضوا عليه بالليلة المقمرة؛ فإنه يجوز الجمع فيها مع انتفاء الظلمة.
الثاني: أنه لو كان يصلي في موضع لا يصيبه المطر، بأن كان في بيته، أو تحت سقف [في المسجد] وهو يمشي إليه في كنّ، أو كان متصلاً ببيته- أنه لا يجوز له الجمع، وهذا ما حكاه الماوردي، والبندنيجي، والقاضي أبو الطيب عن نصه في "الأم"، وقال الروياني: إنه الأقرب، وهو الظاهر في "النهاية" والأصح في "التهذيب" و"الرافعي"، وقد عزاه في "المهذب" إلى القديم، وقال: إنه نص في "الإملاء" على الجواز؛ لأنه- عليه السلام- كان يجمع في المسجد، [وبيوت بعض أزواجه في المسجد] وباقيها بقربه. وقد اختاره في "المرشد"، وصححه ابن يونس.
والخلاف يجري فيما لو حضروا المسجد وكان مكشوفاً، بحيث يصيبهم فيه المطر، وأرادوا أن يصلوا فرادى؛ حكاه الإمام عن الشيخ أبي بكر.