للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام ذلك مع أن القاضي الحسين والعراقيين قالوا به أيضاً، وتبعهم البغوي، وغيره؛ كما قال الرافعي.

ولابد مع وجود المطر في الأحوال الثلاثة من الشرائط الثلاث التي تقدمت في الجمع في وقت الأولى في السفر؛ لأن المطر هاهنا سبب كالسبب ثم، وبه صرح الأصحاب.

وقد أفهم كلام الشيخ أمرين:

أحدهما: أن المطر لو لم يكن موجوداً عند افتتاح الأولى، لا يجوز الجمع، وبه صرح في "المهذب" والبندنيجي والقاضي الحسين وغيرهم؛ لأن سبب الرخصة حدث بعد الدخول، فلم تتعلق به؛ كما لو دخل في الصلاة، ثم سافر: لا يجوز له الجمع، وقد حكاه ابن الصباغ عن نصه في استقبال القبلة، ثم قال: وهذا إنما قاله؛ لأنه يحتاج أن يوجد العذر المبيح في جميع الصلاتين كالسفر، ثم قال: "قال أصحابنا: وسواء قلنا: يحتاج إلى نية الجمع، أو لا يحتاج"، وهذا عين ما أورده القاضي أبو الطيب في "تعليقه"، ثم قال ابن الصباغ: وهذا- عندي- ينبغي أن يكون فمرعاً على قوله: إنه يحتاج إلى نية الجمع في ابتداء الصلاة، أما إذا قلنا: يكفيه نية الجمع قبل السلام، فيجوز له الجمع إذا كان [المطر] موجوداً قبل الفراغ من الأولى، [وقد حكاه ابن الصباغ عن نصه في استقبال القبلة]، وهذا ما حكاه الماوردي والمتولي قال بعضهم: والفرق بين هذا وبين ما إذا افتتح الصلاة في الحضر، وسافر، فإنه لا يجمع قولاً واحداً؛ لأن المبيح هو السفر، والسفر هو الضرب في الأرض، ولا يوجد إلا بعد انقضاء الصلاة، ومجرد العزم على السفر لا يكون سفراً، فإذا نوى الجمع، والحالة هذه، فقد نواه بدون المبيح، والعذر في المطر هو ما يلحقه من المشقة بالعود إلى الثانية، وهو موجود حالة نية الجمع.

قلت: وهذا فرق في غير محل الجمع؛ لأن محله إذا افتتح الصلاة ولا مبيح، ثم وجد المبيح في أثنائها، [وذلك يتصور في سفر البحر، بأن يحرم في سفينة في وسط البلد، ثم تسير وهو في أثنائها،] وتخرج من البلد؛ فإنه لا يباح له الجمع، وإن وجد سبب الرخصة وقت اعتبار النية.

<<  <  ج: ص:  >  >>