الثاني: أنه لا يشترط وجود المطر في غير الأحوال الثلاثة التي ذكرها، وهو الذي أورده العراقيون، وصاحب "الكافي" و"التتمة"، وحكى الفوراني وجهاً آخر: أن انقطاع المطر في أثناء الصلاة الثانية يبطل الجمع، كما حكيناه فيما إذا طرأت الإقامة في أثنائها، وعلى هذا: لو انقطع بعد الفراغ من الثانية، كان كما لو طرأت الإقامة بعد فراغها، وقد سبق.
قال الإمام: وهذا لا وجه له؛ لأنا إذا لم نعتبر دوام المطر في أثناء الظهر، فكيف نعتبره في أثناء العصر وما بعده؟! والفرق بين الجمع بعذر المطر والسفر: أن دوام السفر إليه، وانقطاع المطر ليس إليه.
فرع- قاله في "التهذيب" عن القاضي- أنه لو قال لشخص بعد سلامه من الأولى: انظر هل انقطع [المطر] أو لا؟ بطل الجمع؛ لأنه شك في سبب الجمع.
واعلم: أنه يعترض على ما ذكره الشيخ والأصحاب ها هنا سؤال؛ من حيث إن شرط الجمع أن تقع الصلاتان في وقت إحداهما، وهذا مما لا خلاف فيه، وقد اختلف قول الشافعي في أن وقت المغرب يدوم على غيبوبة الشفق الأحمر، وهو بمقدار ما يتوضأ، ويستر العورة، ويؤذن، ويصلي خمس ركعات، وقضية هذا أن يكون للشافعي قول: أنه لا يجوز الجمع بين المغرب والعشاء في وقت المغرب في الحضر بعذر المطر؛ لأن العشاء لا تقع بجملتها في وقت المغرب، بل ركعتان منها، لكن الأصحاب مطبقون على جوازه على [كل] قول؛ عملاً بظاهر الخبر المتقدم، وتكلف بعضهم لذلك جواباًن فقال: هذا يقوي القول بأن وقتها ممتد إلى غيبوبة الشفق، أو يكون تفريعاً على أنه إذا أوقع بعض الصلاة في الوقت، كان جميعها أداء.
قلت: ويظهر أن يقال في جوابه: إن الصلاة الثانية إذا جمعت مع الأولى في وقت الأولى، كانت كالجزء منها، ويدل عليه أنه لو فصل بينهما بأكثر مما يفصل به بين أركان الصلاة عند الجهل أو النسيان- لم يصح الجمع، ولو بان بطلان الأولى بان بطلان الثانية إذا كانت كالجزء منها، وقد تقدم أنا على القول