والثالث: أن نص التنزيل يوافقها، قال الله تعالى:{وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَاتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}[النساء: ١٠٢]. وظاهر ذلك أنه أراد جميع الصلاة، وإذا كان كذلك حملنا السجود في الآية الأولى على الركعة الباقية للطائفة الأولى؛ لتكون الآية على وفق الخبر، والركعة يعبر عنها بالسجدة، كما جاء في قوله - عليه السلام-: "إذا أدرك أحدكم سجدةً من الصلاة قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته" أخرجه البخاري ومسلم.
وأما صحة الصلاة إذا فعلت على نحو ما رواه ابن عمر ففيها قولان حكاهما الفريقان، وادعى في "الحاوي" أنهما منصوصان في "الأم":
أحدهما: أنها باطلة؛ لما وقع فيها من العمل المنافي لها، وأما خبر ابن عمر، فقد قال: إنه مسوخ بخبر ابن خوات؛ لأنها آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإمام: وهذا فيه إشكال؛ فإن الشافعي لا يرى النسخ [بالاحتمال، وما لم يتحقق تقدم المنسخ بالتاريخ على الناسخ، فادعاء النسخ] يبعد وينأى عن أصله.
والثانى: أنها صحيحة؛ عملاً بالخبر.
وقال القاضى الحسين: قال الشافعى فى "الكبير": والاختلاف فى ذلك من الاختلاف المباح، فإن فعل ذلك فقد أساء وتجزئه، والأحوط والأليق بأمر الصلاة أن يصلي كما ورد في رواية ابن خوات. وقد نص عليه في كتاب "الرسالة"، وهو الصحيح في "الرافعي"، ولو عدل عن الصلاتين، وصلى بهم كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ببطن النخل - جاز ذلك: بأن يصلي بكل طائفة كل الصلاة؛ لأن غاية الأمر أنه صلى بالطائفة الثانية وهي له نفل، ولهم فرض، وصلاة المفترض خلف المتنفل في حال الأمن جائزة؛ ففي حال الخوف أولى. لكن الأولى أن يصلي بهم كما ذكر الشيخ.
[ثم كلام الشيخ] مصرح بأن الطائفة الأولى تفارق الإمام بعد قيامه إلى الثانية، وهو ما أورده الماوردي، وحكاه الإمام مع وجه آخر عن رواية شيخه أنها