للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفارقه عقيب رفعه من السجود؛ لأن الركعة تنتهي بمفارقة السجدة الأخيرة، وحكى الرافعي عن البغوي وغيره: أنه مخير بين الأمرين، والأولى المفارقة بعد القيام، وفيه نظر؛ لأن المجوّز للمفارقة العذر ولا عذر لهم قبل القيام، بل لو قيل: لا يجوز لهم المفارقة قبل فراغ الإمام من القراءة، إذا قلنا: إنه يقرأ في حال الانتظار - لم يبعد؛ ولذلك قال الإمام: إنا إذا قلنا بالأول الذي ذكره الشيخ، لا يبعد [أن] نقول: إنما ينفرد القوم، إذا ركعوا وتركوا الإمام قائماً؛ فإنهم إنما يفارقونه حساً إذ ذاك، ثم قال: وهذا احتمال. والذي نقلته ما تقدم، وكأن وجهه أن القصد التسوية بين الطائفتين؛ ولهذا استحب الشافعي انتظار الإمام الطائفة الثانية؛ ليسلم معهم ليحصل لهم فضيلة السلام معه، كما حصل للأولى فضيلة الإحرام معه، ولو قلنا: إن مفارقة الأولى إنما تكون بعد فراغ قراءته في الثانية - ترجحت الأولى على الطائفة الثانية، وفات مقصود التسوية، والله أعلم.

وقد بنى الإمام على الوجهين أمر سجود السهو، وسنذكر، وما فيه.

وأما الطائفة الثانية: فظاهر كلام الشيخ والخبر: أنها تقوم إلى الثانية عقيب رفعه من السجود؛ فلا تجلس معه، وهو ما نص عليه في "الأم" والقديم و"الإملاء"؛ لأن الطائفة الأولى لم تحصل لها فضيلة التشهد مع الإمام؛ فكذا [تكون] الثانية؛ إذ التسوية بينهما مطلوبة، ولأنها لو جلست حتى يتشهد لطالت الصلاة؛ فإنهم يحتاجون إلى إتمام صلاتهم بركعة، وهو ينتظرهم حتى يسلم [بهم]، وصلاة الخوف وضعت على التخفيف، وقد حكي [عن] الشافعي أنه نص في سجود السهو على أنهم يفارقونه بعد فراغه من التشهد وقبل السلام؛ لأن المسبوق يفارق الإمام بعد التشهد، وهؤلاء مسبوقون بركعة.

قال القاضي أبو الطيب وغيره: وهذا غير صحيح؛ إذ لو كانوا كالمسبوق لما قاموا حتى يسلم الإمام، وليس كذلك.

وقد حكى القاضي الحسين وغيره من المراوزة قولاً عن القديم عوضه: أنهم يفارقونه بعد السلام، كالمسبوق سواء؛ لأنه قال فيه: "لو سها الإمام في الثانية،

<<  <  ج: ص:  >  >>