الفرقتين؛ لأنه قرأ مع [الأولى فكذا ينبغي أن يفعل] مع الثانية، ولا كذلك التشهد؛ فإن الطائفة الأولى لم تدركه معه؛ فكذا الثانية طلباً للتسوية.
ثم هذا الخلاف في الصورتين خلاف في الاستحباب بلا خلاف.
فرع: أقل طائفة يستحق للإمام أن يصلي بها صلاة الخوف عند اشتغال الجيش بالقتال ثلاثة أنفس، نص عليه؛ لقوله تعالى عند ذكر الطائفة الأولى:{وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ}[النساء: ١٠٢]، فعبر عنهم بواو الجمع، وكذا يفعل في الطائفة الثانية؛ حيث قال:{فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَاخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ}[النساء: ١٠٢]، وأقل ما يعبر بواو الجمع عن ثلاثة، وقد استعمل الله – تعالى- في كتابه العزيز الطائفة في الجمع الكبير والجم الغفير في قوله:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}[الحجرات: ٩] واستعملها في [أربعة في قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}[النور: ٢]، واستعملها في] الواحد في قوله:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}[التوبة: ١٢٢][ثم] قال الشافعي: وأكره أن يصلي بأقل من ذلك، وأن يحرسه أقل من ذلك.
قال القاضي الحسين:[و] لم يرد بذلك أن العسكر كلهم ستة نفر، ولكن [كأنه] يقول: إن شغل أكثر الناس بالقتال، فأقل من يصلي بهم ثلاثة، وإن شغل أكثر الناس بالصلاة، فأقل من يحرس ثلاثة، حتى لو كان ثَمَّ شِعب أو مضيق، فقال [قائل] واحد من الشجعان: أنا أسد هذا الشعب لكم، فاشتغلوا بالصلاة – جاز، ولكنه يكره.
[وقال القاضي أبو الطيب: معناه: أنه إذا كان مع الإمام ستة أنفس- لم يكره] أن يصلي بهم صلاة الخوف، فيجعل ثلاثة منهم بإزاء العدو، ويصلى بثلاثة، فإن كانوا خمسة – كره [له] أن يصلي بهم صلاة الخوف، لكن يصلي ببعضهم جميع صلاته، ويقفون في مواقف أصحابهم حتى ينصرفوا، فيصلوا لأنفسهم جماعة.