تنبيه: احترز الشيخ بقوله: "إذا كان العدو في غير جهة القبلة" عما إذا كان في جهتها، وسنذكره. واحترز بقوله:"ولم يأمنوا" عما إذا أمنوما، فإنه لا يصليها؛ لأن الخوف لم يتحقق، فلو صلاها فهل تصح؟ فيه كلام سنذكره في آخر الباب، إنش اء الله تعالى.
ثم الأمن يفرض في صور:
إحداها: أن يبعدوا عن القوم، بحيث يعلم أنهم لو راموا الوصول إليهم بإيذائهم في الصلاة، لم يقدروا على ذلك، وكذا لو كان بينهم خندق أو ما يمنع من ذلك.
والثانية: أن يكون العدو شرذمة يسيرة لا يخشون.
والثالثة: أن ينهزم العدو منهم، ولا يخافون رجوعه عليهم، وهو غاية الأمن، وقد نص على المنع في هذه الحالة الشافعي.
وإذا امتنعت صلاة الخوف في هذه الأحوال، فصلاة شدة الخوف أولى؛ لأنها في منافاة الصلاة أشد، وقد أشار الشيخ إلى ذلك في بعض الصور في آخر الباب.
قال الأصحاب: ولا فرق في ذلك بين أن يعلم أنه إذا صلى متمكناً فاته مال العدو الكافر أو لا؛ إذ لا خوف، وإنما هو فوات مطلوب لم يحصل.
فإن قيل: قد حكي عن القفال احتمال ثلاثة أوجه فيما إذا قرب فوات الوقوف، وعلى المحرم بالحج صلاة لو أتى بها متمكناً لفاته الحج، ولو سعى للوقوف لخرج وقت الصلاة- أقامها في "الوسيط" أوجهاً:
أحدها: أنه يترك الصلاة، لأجل تحصيل الوقوف؛ فإن قضاء الصلاة ممكن، وأمر الحج خطير، وقضاؤه ليس بالهين.
والثاني: أنه يصلي؛ فإن الصلاة [تلو] الإيمان، ولا سبيل لتخلية الوقت عنها؛ فإنه لا يسقط الخطاب بها مع بقاء التكليف.
والثالث: أنه يصلي صلاة شدة الخوف ماشياً؛ ليكون جامعاً بين التسرع