فعلى هذا: ما الفرق مع أن الصلاة في هذه الحالة لأجل تحصيل مطلوب؟
قلنا: قد فرق الإمام بينهما بأن الحج في حكم شيء حاصل في حق المحرم، والفوات طارئ عليه؛ فأشبه ما إذا خشي على ماله فقط، فهرب به؛ فإن له أن يصلي صلاة شدة الخوف، كما سنذكره. وقد ضعف بعضهم هذا الفرق؛ لأنه يمكن أن يقال: العدو الكافر إذا انهزم، وأمكن إدراكه صارت أمواله كالحاصلة في يد المسلمين، وفيه بعد.
واحترز الشيخ بقوله:"وقتالهم غير محظور" عن قتال أهل البغي أهل العدل، وقطاع الطريق أهل القافلة؛ فإنه لا يشرع لأهل البغي وقطاع الطريق صلاة الخوف؛ لأنها رخصة فلا تناط بالمعاصي، ومن طريق الأولى ألا يصلوا صلاة شدة الخوف؛ لشدة منافاتها الصلاة، وهكذا الحكم في المنهزم من المسلمين من الكفار إذا كان انهزامه محرماً، كما ستعرفه في قتال المشركين، فلو صلّيت في هذه الأحوال، كان الحكم في صحتها وبطلانها، كما إذا فعلت في الأمن، وسنذكره.
[وقد أفهم قوله هذا أنه لا فرق في جواز فعلها عند القتال الذي ليس بمحظور بين أن يكون القتال واجباً: كقتال الكفار، وكذا من يقصد إذهاب النفس أو الحريم على الأصح، أو يكون مباحاً كقتال من يطلب ماله فقط، وهو في الأولى غني عن التعليل، ووجهه في الثانية: أن السفر المباح كالسفر الواجب في إباحة الرخص؛ فوجب أن يكون القتال كذلك].
وقد اقتضى كلام الشيخ: أنه لا فرق فيما ذكره بين الجمعة وغيرها؛ إذ كلامه مفروض فيما إذا كانت الصلاة ركعتين، وذلك يفرض في الصبح سفراً وحضراً، وفي الجمعة في الحضر، وفي الظهر والعصر والعشاء سفراً مع نية القصر، وفيها تكلم الشافعي، [ولأجل ذلك] عد ابن الصباغ من شروط