صلاة الخوف وراء ما ذكره الشيخ: أن تقع في السفر، وليس الأمر كما قال؛ فإن صلاة الصبح تصلي صلاة الخوف في الحضر، وأما صلاة الجمعة: فإن وقع مواجهة العدو خارج البلد لم تقم؛ لأنها لا تقام خارج البلد، وإن وقعت والقوم في البلد، والعدو على بابها، فقد حكى ابن الصباغ وغيره عن الشافعي: أن الإمام إذا أراد أن يصلي بهم صلاة الجمعة في هذه الحالة- فرقهم فرقتين، فيصلي بكل فرقة ركعة، ثم تفارقه، وتتم لنفسها، ثم تأتي الطائسفة الأخرى، فيصلي بها الركعة الأخرى، ثم تتم في حكم إمامته ولا تجهر بالقراءة، والأولى تجهر؛ لأنها منفردة، وقد عزا الروياني في "تلخيصه" هذا النص إلى "الأم".
واختلف الأصحاب في ذلك على طريقين:
منهم من قال: هذا منه جواب على أحد القولين في أن انفضاض القوم بجملتهم في الركعة الثانية، لا يبطل الجمعة. أما إذا قلنا: يبطلها، فلا تصلى كذلك؛ بل لا بد أن يبقى مع الإمام أربعون ممن سمع الخطبة وصلى معه الركعة الأولى.
ومنهم من قال: بل ذلك جائز على القولين معاً؛ لأنهم ها هنا معذورون في فراق الإمام، بخلاف الانفضاض. وهذه الطريقة لم يورد المتولي غيرها.
ثم هذا إذا كانت الطائفة الأولى قد سمعت الخطبة وهم أربعون، فلو سمعها أربعون، وخرجوا إلى وجه العدو، وصلى بأربعين غيرهم الركعة الأولى -لم تصح وجهاً واحداً، وكذا لو كانت الطائفة الأولى دون الأربعين [وقد سمعوا الخطبة، ولو كانت الطائفة الثانية دون الأربعين] ففي الصحة الطريقان: طريقة الشيخ أبي حامد: أن ذلك لا يضر، وطريقة غيره: فيهم قولا الانفضاض.
واغتفر الأصحاب على قول الصحة - كيف فرض الأمر- إحرام الطائفة الثانية [بها] بعد سلام الأولى، وإن كان مذهبهم ألا تقام جمعة بعد أخرى؛ [لكون الإمام] لم يتحلل بعد، وهذا ما أورده العراقيون.
وفي "النهاية" ما يقتضي خلاف ذلك؛ فإنه قال: إذا أراد الإمام إقامة الجمعة