للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيته [فيه] جواز تلبيس الصبيان الديباج، غير أن الصبي إذا بلغ سنًّا يؤمر فيه بالصلاة نهي عن لبسه حتى لا يعتاده.

واحتزر الشيخ بقوله: "ثياب الإبريسم" عن استعمال ما ليس بثياب من الإبريسم، كما إذا اتخذ جبة من مباح وحشاها إبريسماً؛ فإنه لا يحرم عليه لبسها، كما حكاه البندنيجي والمتولي عن نصه في "الأم"، وادعى الإمام أنه لا خلاف فيه، لكنه أبدى احتمالاً فيه، وأشار في "التهذيب" إلى وجه فيه بقوله: "يجوز له لبسها على الأصح"، وجزم القول بأنه يجوز له أن يجلس فوقها، وكذا فوق الديباج، إذا وضع عليه ثوباً من قطن.

والفرق بين حشو الجبة من الحرير حيث لا يحرم، وبين بطانة الجبة إذا كان حريراً حيث يحرم: أن لابس الجبة المحشوة به لا يعد لابس حرير، بخلاف لابس ما بطانته حرير.

قال الإمام: ولا ينبغي أن يخرج هذا على ما سبق في الأواني من فرض إناء قد غُشي بالنحاس؛ فإن في هذا سرًّا ينبغي أن ننبّه عليه، وهو أن المعنى المعتبر في الأواني: الخيلاء والفخر، وهذا المعنى ليس يجري اعتباره في لبس الحرير، والدليل عليه: أنا لم اعتبرنا في الأواني الفخر أجريناه في الجواهر النفيسة على تفصيل قدمناه، وقد تتحقق النفاسة في غير الإبريسم من الأجناس، وقد ينقدح للناظر أن يقول: ما عدا الإبريسم ترتفع قيمته بالصنعة؛ فهو كالأواني التي قيمتها في صنعتها، وفيه نظر وتفصيل.

واحترز الشيخ بقوله: "أو [ما] أكثره إبريسم" عن أمرين:

أحدهما: ما أقله إبريسم: كالخز؛ فإن لحمته من صوف، وسداه إبريسم، والسدى في الغالب أقل من اللحمة، وذلك لا يحرم اتفاقاً، وقد روى أبو داود، عن عبد الله بن سعد، عن أبيه سعد قال: "رأيت رجلاً ببخاري على بغلة بيضاء، عليه عمامة من خز سوداء، فقال: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>