للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ويشبه أن يكون أصل هذا الاختلاف أن المرأة أبيح لها الحرير؛ لأن خنوثتها لا تأباه، أو لأجل الزينة؟ فإن قلنا بالأول لم يحرم عليها استعماله كيف كان، وإن قلنا بالثاني لم يبح لها منه إلا ما كان زينة. وقد أشار الأصحاب إلى المأخذ المذكور في "كتاب العدد"؛ حيث قال العراقيون: لا يحرم على من لزمها الإحداد لبس الحرير.

وقال القفال والإمام والبغوي: إنه يحرم؛ لأنه إنما أحل لها للزينة؛ فالتحقت في حال الإحداد بالرجال.

والخنثى المشكل في استعمال الحرير كالرجال، حكاه في "البيان".

قال الرافعي: ويجوز أن ينازع فيه.

والثاني: الصبي؛ فإنه لا يحرم عليه ذلك عند العراقيين، كما صرح به القاضي أبو الطيب، والبندنيجي في كتاب صلاة العيد، وكذا الفوراني؛ لأن شهامته لا تأبى ذلك، وعليه نص الشافعي؛ حيث قال في كتاب الزكاة: "ويزين الصبيان بالمصبغ والحلي"؛ فإنه لم يفصل في الحلي بين الذهب والفضة، ومن أبيح له ذلك أبيح له استعمال الحرير، وهذا ما صححه في "الروضة"، وكذا الرافعي في الحرير.

وحكى الماوردي وجهاً آخر: أنه يحرم عليه ذلك، بمعنى: أن وليه يمنعه من لبسه، أو لا يحل له أن يلبسه إياه، كما صرح به المراوزة وجهاً هكذا، ويقال: إنه اختيار القاضي الحسين؛ لأنه قال: ما لا يجوز استعماله بعد البلوغ يجب أن يكون محظوراً قبله؛ لأن الصبي وإن كان لا يعصي لصغره، فالولي مأمور بمنعه منه حتى لا يعتاده.

وفي المسألة وجه ثالث: أنه يحرم عليه ذلك بعد سنّ التمييز، ولا يحرم قبله، وهو ما صححه الرافعي في "الشرح"، وبه جزم في "التهذيب" كما قال، والذي

<<  <  ج: ص:  >  >>