بخلاف ما إذا كان المبيع عقاراً، وجوزنا بيع الغائب، فإن في اشتراط ذكر البقعة من البلد وجهين.
ثم إذا عين البلد فالواجب أن يسلمه إليه فيه، وليس على البائع أن يسلمه في غيره.
فإن شرط المشتري على البائع أن يسلمه إليه في البدل الذي تبايعا فيه وهو في غيره لم يجز، وكان البيع فاسداً وهذا بخلاف المسلم فيه؛ لأنه مضمون في الذمة وليس بمختص بموضع دون غيره، فاستوى فيه جميع المواضع فافتقر إلى ذكر المواضع التي يقع القبض فيها، وليس كذلك [العين الغائبة؛ لأنها] غير مضمونة في الذمة، وهي معينة قد اختصت بموضع هي فيه فلم يجز اشتراط نقلها إلى غيره لأنه يصير بيعاً وشرطاً في معنى بيع ثوب على أن على البائع خياطته.
وفي الرافعي في كتاب السلم: أن السلم الحال لا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم، كالبيع، ويتعين مكان العقد، لكن لو عين موضعاً آخر جاز بخلاف البيع؛ لأن السلم يقبل التأجيل فقبل شرطاً يتضمن تأخير التسليم بالإحضار، والأعيان لا تحتمل التأجيل فلا تحتمل شرطاً يتضمن تأخير التسليم، وأن حكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه، وإن كان معيناً فهو كالمبيع.
قال في "التهذيب": ولا نعني بمكان العقد ذلك الموضع بعينه بل تلك المحلة، هذا آخر كلامه.
وهو مصرح بعدم اشتراط مكان البيع واستحقاق تسليمه في مكان العقد، وعليه ينطبق كلام المتولي فإنه قال: إذا كان المبيع غائباً عن الموضع فمؤنة إحضاره على البائع وإن كان حاضراً ويحتاج في نقله إلى دار المشتري إلى مؤنة فعلى المشتري، ولا يجب على البائع إلا التخلية.
وفي "تعليق" القاضي الحسين قبيل كتاب الرهن: أنه لا خلاف في بيع العين، أنه لا يحتاج فيه إلى تعيين مكان تسليم المبيع، ومكان العقد أيضاً لا يتعين.
وإذا أتى البائع بالمبيع- أي موضع كان- يجبر المشتري على القبض، وأي موضع طالب المشتري البائع بتسلمي المبيع، وقد وفى الثمن أو قلنا يجبر البائع أو لا يجبر البائع على تسليم المبيع منه. والله أعلم.