للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عظم فيل، دليل عليه، وكذا قوله: "ولو جبر عظمه بعظم نجس، أجبره السلطان على قلعه"، وخرج الأصحاب منه وجهاً: أنه لا يجوز أن يلبسه دابته أيضاً، والفرق بينه وبين تسميد الأرض بالسرقين: أن في ذلك حاجة ماسة قريبة من الضرورة، على أن الرافعي قال: إن في كلام الصيدلاني ما يقتضي إثبات خلاف فيه، وهو في "التتمة" كما سنذكره، والمذهب التفرقة، كما ذكرنا. والفرق بين نفسه والدابة: ما أشار إليه الشافعي أن منعه من لبس النجاسة تعبد، والدابة لا تعبد عليها، وهذه طريقة الأصحاب.

وفي "تعليق البندنيجي": أنه يكره له أن يلبس الجلد النجس، كما يكره له لبس الثوب النجس، ويجوز له أن يلبسه دابته من غير كراهة، ومن أصحابنا من خرج إليه وجهاً: أنه يكره أيضاً.

وهكذا حكى هذه الطريقة ابن الصباغ، عن الشيخ أبي حامد، واقتصر القاضي أبو الطيب على حكاية الكراهة في لبسه الجلد النجس، وقال: إنه إذا لبسه لا يصلي فيه، فإن صلى فيه- ولو مع الضرورة- وجبت [عليه الإعادة].

ولفظ الماوردي: "أنه يجوز أن يلبسه، لكن لا يصلي فيه؛ لأن توقي النجاسة إنما يجب في الصلاة"، وهذا التعليل منه موافق لقول الإمام عند الكلام في وطء المرأة في دبرها: إنه لا يحرم على المرء التضمخ بالنجاسة. وإن حكى في صلاة الخوف أن في كلام الصيدلاني ما يدل على أن استعمال النجاسة في البدن لا يجوز عن اختيار، وكأنه يحرم ملابسة النجاسة من غير حاجة.

وقال في "البسيط" لأجله: إن التضمخ بالنجاسة من غير حاجة منع منه الصيدلاني.

وقد تلخص لك مما ذكرناه أن جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما، لا يجوز للشخص لبسه، ولا أن يلبسه دابته، وجلد ما عدا ذلك إذا كان نجساً هل يجوز لبسه، وان يلبسه دابته، أم لا؟ فيه أربعة أوجه:

أحدها: لا يجوز ذلك.

والثاني: لا يجوز له لبسه، ويجوز أن يلبسه دابته.

<<  <  ج: ص:  >  >>