للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: يجوز له مع الكراهة، ويلبسه دابته من غير كراهة.

والرابع: يجوز له لبسه، وأن يلبسه دابته، [لكن] مع الكراهة في الصورتين.

وقد حكى القاضي الحسين ما حكيناه عن نصوص الشافعي، ثم قال: [إن] من الأصحاب من ضرب النصوص بعضها ببعض، وجعل في الكل قولين. وذلك منه يقتضي إثبات الخلاف الذي ذكرناه، وبه صرح المتولي، وطرده في جواز استعمال النجاسة في تسميد الأرض، والجبر بعظم نجس، والاستصباح بالنجاسة، وفي جواز عجن الشيء بماء نجس؛ ليطعمه ناضحه، وفي جواز ادّهانه بشحوم الخنزير، ووجه المنع في الكل بقوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ٥]؛ فإنه يقتضي الاجتناب من كل وجه، ووجه الجواز بأن الطهارة إنما تعتبر في العبادات لا في العادات، بدليل عدم اشتراط الطهارة من الحدث.

واستحسن القاضي الحسين طريقة أبي بكر الفارسي، وهي: أنه لا يجوز أن يلبس الجلد النجس، ويجوز أن يلبسه لدابته، سوى جلد الكلب والخنزير، وهي طريقة الكتاب كما قررناها، وقال في "التتمة": إنها الطريقة الصحيحة.

وفي "الجيلي" أنه قال في "المقنع": يجوز أن يضع في جلد الكلب إذا كان يابساً قمحاً ونحوه.

وحكم استعمال الجلد النجس إذا كان عليه شعر، ودبغ، وقلنا: لا يؤثر الدباغ في طهارة الشعر- كما هو أحد القولين فيما ذكرناه فيه- كحكمه قبل الدباغ، صرح به البندنيجي.

واعلم أن الشيخ أفهمك بالتبويب، وبذكر ما أودعه فيه أنه لا يحرم على الرجال والنساء ما عدا ما ذكره فيه مما ليس في معناه؛ لأنا قد بينا أن مراده بالكراهة في التبويب كراهة التحريم، كما دل عليه كلامه من بعد، وحينئذ يجب علينا أن نوضح ذلك بذكر المسائل، وما قيل فيها، وهي تتنوع إلى ما الإباحة ظاهرة فيه، وإلى ما قد تخفى الإباحة [فيه]:

<<  <  ج: ص:  >  >>