للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والساحات والرحاب المسقفة وغيرها، لا أنها تفعل في موضع بني لأجل الصلاة؛ فلو أقيمت خارج المصر في الصحراء لا يجوز، نص عليه الشافعي في كتاب صلاة الخوف.

قال البندنيجي ثمَّ: وقد كنا نحكي ذلك عن أبي إسحاق، وقد نص أصحابنا على المسألة، ولا فرق عندنا بين أن تكون الأبنية من خشب، أو حجر، أو لبن، أو سعف، أو جريد؛ كما قال البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما؛ لأن [كل] ذلك مما يوضع للاستيطان وعدم النقل، وقد حكى الإمام ذلك عن مذهب العراقيين، وقال: إن هكذا معظم القرى في الحجاز، يعني: أنها تكون بزعف وجريد وقصب.

وفي "الحاوي": أن المبني بالقصب والسعف لا تنعقد فيه [الجمعة].

وكذا لا فرق عندنا بين أن يكون ذلك في مصر جامع أو قرية، وهو في المصر إجماع، وفي القرية مستدلٌّ عليه بما روي عن ابن عباس أنه قال: أول جمعة جمِّعت بعد جمعة المدينة بـ "جواثي": قريةٍ من قرى عبد القيس. أخرجه أبو داود.

وجه الدلالة منه: أن هذا [كان] في صدر الإسلام، ولا يجوز أن يفعل ذلك إلَّا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ فيه نقل فرض إلى فرض غيره خصوصاً، والخصم- وهو أبو حنيفة- لا يصحِّح إقامة الجمعة إلا بإذن الإمام.

ولأنه لو فعل بغير أمره لا يكره؛ إذ مثل هذا لا يخفى مع قلة الإسلام.

ولأن القرية موضع بني للاستيطان والاستقرار؛ فوجب أن تنعقد فيه الجمعة كالمصر.

فإن قيل: قد قال- عليه السلام-: "لا جمعة ولا تشريق إلا في

<<  <  ج: ص:  >  >>