وعلى القول بعدم الانعقاد بهم- كما حكاه ابن كج عن رواية أبي الحسين عن الشافعي-[يحتاج إلى أحرار].
قال: مقيمين في الموضع، أي: الذي تقام فيه الجمعة، لا يظعنون عنه شتاء ولا صيفاً إلا ظعن حاجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده- رضي الله عنهم- لم يأمروا بالجمعة من ظعن مع أمرهم أهل القرى بها، ولو كانت تجب عليهم لأمروا بها.
وقد وافق يوم الوقوف في حجة الوداع يوم الجمعة، ولم يصلها النبي صلى الله عليه وسلم ولو وجبت على غير المستوطن لصلَّاها.
قيل: إن الشافعي ومحمد بن الحسن اجتمعا عند الرشيد، فسأل الرشيد محمد بن الحسن عن صلاته- عليه السلام- بعرفة: هل كانت جمعة أو ظهراً؟ فقال محمد: كانت جمعة؛ لأنه خطب قبل الصلاة. ثم سأل الشافعي عن ذلك؟ فقال: كانت ظهراً؛ لأنه أسر فيها، فقال له: صدقت.
وقيل: إن ذلك [جرى] للإمام مالك وأبي يوسف، رضي الله عنهم أجمعين.
وقول الشيخ:"يظعنون": بفتح العين، يقال: ظعن يظعن، إذا سار.
واعلم أن هذا الشرط ينبه على مسألتين قد يخفي حكمهما على المبتدئ:
الأولى: ما إذا كان في بلدٍ أو قرية من هو بصفة من تنعقد بهم الجمعة، لكنهم أقل من أربعين، [وبقربهم بلد أو قرية أخرى فيها بهذه الصفة أقلُّ من أربعين]، ولو اجتمع أهل الموضعين [لبلغوا أربعين- فإنه لا تنعقد بهم الجمعة؛ لأن الأربعين غير مقيمين] في الموضع الذي يصح فيه الجمعة، وإن كان أهل كل ناحية يسمعون النداء من الأخرى، ويجب عليهم السعي إليها؛ لأجل الجمعة لو كان أهلها أربعين، وبه صرح في "الحاوي" و"التهذيب"- أيضاً- فإنه قال: "إذا كان في قرية أربعون بالصفات التي تنعقد بهم الجمعة، وهم يسمعون النداء من مصرٍ جامع، فهم مخيرون بين أن يحضروا البلد [إذا كانت الجمعة فيه