إذا انصرفوا عنه وبقي وحده؛ لأنهم خرجوا من الصلاة؛ فلهذا يتمها ظهراً؛ قاله البندنيجي.
وقد رأيت في "تعليق" القاضي أبي الطيب و"الشامل" في صلاة الخوف عند الكلام في صلاة الجمعة: أن ذلك قول للشافعي، وقد ذكرته ثم، وهذا مغن عن التخريج.
قال: وإن نقصوا عن الأربعين، أتمها ظهراً في أصح الأقوال؛ لما ذكرناه، ولأن العدد شرط في استدامة الخطبة بلا خلاف، ففي الصلاة أولى؛ لأن الخطبة أخف حكماً من الصلاة؛ ألا ترى أن الشخص يصلي وإن لم يحضر الخطبة؟!
ولا فرق في ذلك بين أن يبقى معه واحد أو اثنان أو أكثر من ذلك.
قال: وإن بقي معه اثنان، أتمها جمعة في الثاني؛ لأن الثلاثة جمع مطلق كالأربعين، وقد روي أنه- عليه السلام- انفض عنه أصحابه حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً- كما تقدم في الخبر- وأتم الجمعة، ولو كان بقاء الأربعين شرطاً لم يتمها جمعة.
والفرق على هذا بين الابتداء والدوام: أن الأصل في [سائر] الأيام الظهر، وإنما يعود إلى الجمعة بشرائط، [و] إذا وقع الشك: هل حصل مقصود الشرع أم لا؟ لم يعدل عن الأصل؛ فلذلك لم يحكم بانعقادها ابتداء، [و] في الدوام: الجمعة محكوم بانعقادها، ووقع الشك في أن ما نقص من العدد يبطلها أو لا؟ والأصل الصّحة.
وهذا القول والذي قبله نصّ عليهما في "الأم"، ونقلهما المزني.
قال: وإن بقي معه واحد، أتمها جمعة في الثالث؛ لوجود اسم الجماعة كالأربعين، ولأنه لما بطل أن يكون العدد المعتبر في ابتدائها شرطاً في استدامتها؛ لما ذكرناه في علة القول قبله، وافتقرت إلى الجماعة- كان أقلها في الشرع اثنين؛ لقوله- عليه السلام-: "الاثنان فما فوقهما جماعةٌ"، وهذا ما نص عليه في القديم.