للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني- حكاه أبو إسحاق عن بعض الأصحاب-: أن ذلك إنما جاز؛ لأنها كانت قرى متفاصلة، [فحدث العمارات الواصلة]؛ فاستمر الحكم، ومقتضاه: منع إقامة أكثر من جمعة واحدة في بلد أنشئ دفعة واحدة كبيراً، وجواز إقامة جمعة في كل ما كان قرية منفردة قبل اتصال العمارة كبغداد ونحوها.

وقد حكي عن أبي حامد أنه [قالي: لو كان كذلك، لجاز القصر قبل مفارقة كلها لمن أراد السفر من بعضها، وهو لا يجوز.

لكن لمن قال بذلك أن يلزم جواز القصر كما ألزمه ابن سلمة حيث أورد عليه مثل ذلك، ويؤيده أن الإمام حكى عن صاحب "التقريب": أنه قال: إذا جرينا على ما ذكره الأصحاب في هذا، فيحتمل أن يقال: لو جاوز هامٌّ بالسفر قريةً من تلك القرى إلى أخرى، والعمارة متصلة، ينبغي أن يترخص [ترخص] السفر؛ فإنه لم يثبت لها حكم الاتحاد، لكن يحتمل أن يقال: إذا اجتمعت البلاد، زال حكم التفرق منها، وصارت البقعة كأنها بنيت على الاتحاد.

والثالث- حكاه أبو إسحاق عن بعض الأصحاب أيضاً؛ كما قال البندنيجي-: أنه إنما جاز ذلك ببغداد؛ لعسر الاجتماع في موضع واحد، فإذا وجد ذلك في غيره من البلاد، ولم يمكن اجتماعهم في موضع واحد لكبر البلد، جاز إقامتها في موضعين؛ لدفع المشقة وخفاء أفعال الإمام عن المأمومين.

ولأنه لو منع ذلك، لأدّى إلى أن يجب التبكير إليها قبل الفجر؛ لبعد الجامع وأحد لا يقول هذا، والشافعي حيث منع من إقامة جمعتين في بلد، إنما منعه عند إمكان الاجتماع في موضع واحد من غير مشقة.

وقد نسب القاضي أبو الطيب وغيره هذا القول إلى أبي إسحاق نفسه وابن سريج.

وقال الماوردي: [إنه به أفتى] أبو إبراهيم المزني، وهو اختيار ابن كج، والحناطي، والروياني.

<<  <  ج: ص:  >  >>