قائماً، قال الله تعالى:{وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً}[الجمعة: ١١].
وقد روى مسلم أن الترك كان والنبي صلى الله عليه وسلم [قائم] يخطب.
قال الشافعي: ولم أعلم مخالفاً من أهل العلم: أنهم انفضوا عنه صلى الله عليه وسلم في حال قيامه في الخطبة، وإذا كان كذلك، وجب إتباعه؛ لما تقدم من التقرير.
ولأنه ذكر يختص بالصلاة، ليس من شرطه القعود، فكان من شرطه القيام؛ كالقراءة، والتكبير.
وقولنا:"ليس من شرطه القعود" احترزنا به عن التشهد.
وهذا هو المشهور، ولم يورد العراقيون غيره، وحكى القاضي الحسين فيه وجهاً آخر: أنه غير واجب فيهما؛ بناءً على أن الخطبتين غير بدل عن الركعتين، وقد حكاه القاضي ابن كج أيضاً، وحكاه بعضهم قولاً معزيّاً إلى "حلية" الروياني.
وعلى الأول: لو عجز عن القيام، جاز أن يخطب قاعداً؛ كما في الصلاة، والأولى له أن يستنيب، وإن عجز عن القعود، خطب مضطجعاً، ويجوز للناس الاقتداء به في حالة قعوده واضطجاعه، سواء صرح لهم بأنه عاجز عن ذلك أو سكت عنه؛ فإن الظاهر [أنه] إنما يفعل ذلك لعجز، فإن بان أنه كان قادراً، فهو كما لو بان جنباً.
قال: والقعود بينهما، أي: شرط- أيضاً- بلا خلاف؛ لأنه [يحصل به التمييز] بين الخطبتين.
ولأن الباب باب إتباع، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، روى جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم، فيخطب. قال: فمن نبَّأك أنه كان